الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٨٠
نفس الصفات التي ينفرد بها الله سبحانه، وهي: الأبدية، والتحرر من أبعاد الزمن، والسر في ذلك أن لا يمكن الحصول بدونهما على الطمأنينة التي يبحث عنها الانسان.
* * * جواهر لال نهرو في حالة الركوع! لو كانت الصحف قد نشرت هذا الخبر في يوم من الأيام لما صدقها الناس! ولكن الصورة التي تحملها الصفحة الأخيرة من جريدة هندوستان تيمس، الصادرة في دلهي يوم 3 أكتوبر من عام 1963، تصدق هذا الخبر. وقد ظهر في تلك الصورة رئيس وزراء الهند الأسبق في حالة ركوع، واقفا أمام ضريح المهاتما غاندي في ذكرى ميلاده، وهو يقدم تمنياته إلى أبي القومية الهندية!.
ان مثل هذه الأحداث تقع كل يوم في كل مكان من العالم، وآلاف من الناس الذين ينكرون وجود الله يركعون أما معبوداتهم، تسكينا لغريزتهم التعبدية، وذلك لأن الاله ضرورة فطرية للانسان. وهذه المظاهر كافية لتأييد هذه الغريزة على أنها طبيعية، لأن الانسان يضطر إلى الركوع أمام آخرين كثيرين، إذا ما امتنع عن السجود أمام الله الواحد، أي أن فطرته لن تتمكن من ملء الفراغ الذي يخلو عنه انكار وجود الله، والالحاد.
* * * وليست الحقيقة أن يتخذ الانسان آلهة آخرين عند الكفر بالله، فيسكن غريزته، بل سوف أقول: ان الذين يتخذون من غير الله إلها محرومون من الاستقرار والطمأنينة الحقيقيين، كالطفل اليتيم الذي يحاول أن يتخذ من مصنوعات البلاستيك أما له.
وكل ملحد، مهما بدا له، أو للآخرين، أنه ناجح، يتعرض في حياته لمواجهة لمحات، يضطر إزاءها أن يفكر فيما إذ كانت الحقيقة التي قبلها؟ مصطنعة وزائفة؟.
* * * وعندما ختم جواهر لال نهرو سيرته الذاتية سنة 1935، أي قبل اثني عشر عاما من استقلال الهند، كتب في خاتمتها قائلا:
انني لأشعر أن فصلا من حياتي قد انتهى، وأن فصلا آخر على وشك البدء، ترى ماذا سيحوي هذا الفصل؟ لا يستطيع أحد أن يتنبأ به، فان أوراق الحياة القادمة مختومة.
وعندما ظهرت الأوراق الأخرى من حياة نهرو، وجد نفسه رئيسا لوزراء ثالث كبريات دول العالم، يحكم سدس المعمورة بدون شريك. ولكن نهرو لم يقتنع بهذا، بل ما زال يشعر، وهو في أوج بروزه السياسي، أن هناك فصولا أخرى من كتاب حياته لما تفتح
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»