أحدها تقدم تصنيف الشيخ لكتابيه الفهرست وكتاب الرجال على تصنيف النجاشي لكتابه، فإنه ذكر فيه الشيخ ووثقه وأثنى عليه وذكر كتابيه مع سائر كتبه، وحكى في كثير من المواضع عن بعض الأصحاب وأراد به الشيخ، وقال في ترجمة محمد بن علي بن بابويه له كتب منها كتاب دعائم الاسلام في معرفة الحلال والحرام وهو في فهرست الشيخ الطوسي، وهذان الكتابان هما أجل ما صنف في هذا العلم، وأجمع ما عمل في هذا الفن، ولم يكن لمن تقدم من أصحابنا على الشيخ ما يدانيهما جمعا واستيفاء وجرحا وتعديلا وقد لحظهما النجاشي في تصنيفه وكانا له من الأسباب الممدة والعلل المعدة وزاد عليهما شيئا كثيرا وخالف الشيخ في كثير من المواضع والظاهر في مواضع الخلاف وقوفه على ما غفل عنه الشيخ من الأسباب المقتضية للجرح في موضع التعديل والتعديل في موضع الجرح، وفيه صح كلا معنيي المثل السائر: كم ترك الأول للآخر ولم يذكر الشيخ كتاب النجاشي ولم يترجمه.
ثانيها ما علم من تشعب علوم الشيخ وكثرة فنونه ومشاغله وتصانيفه في الفقه والكلام والتفسير وغيرها مما يقتضي تقسم الفكر وتوزع البال ولذلك كثر عليه النقض والايراد والنقد والانتقاد في الرجال وغيره، بخلاف النجاشي فإنه عني بهذا الفن فجاء كتابه أضبط وأتقن.
ثالثها استمداد هذا العلم من علم الأنساب والآثار واخبار القبائل والأمصار، وهذا مما عرف للنجاشي ودل عليه تصنيفه فيه واطلاعه عليه كما يظهر من استطراده بذكر الرجل ذكره أولاده واخوانه وأجداده وبيان أحوالهم ومنازلهم حتى كأنه واحدا منهم.
رابعها إن أكثر الرواة عن الأئمة ع كانوا من أهل الكوفة ونواحيها القريبة والنجاشي كوفي من وجوه أهل الكوفة من بيت معروف مرجوع إليهم، وظاهر الحال أنه اخبر بأحوال أهله وبلده ومنشئه، وفي المثل: أهل مكة أدرى بشعابها.
خامسها ما اتفق للنجاشي من صحبة الشيخ الجليل العارف بهذا الشأن أبي الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري فإنه كان خصيصا به وصحبه وشاركه وقرأ عليه واخذ منه ونقل عنه ما سمعه أو وجده بخطه كما علم مما ذكر في ترجمته، ولم يتفق ذلك للشيخ فإنه ذكر في أول الفهرست انه رأى شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول ولم يجد من استوفى ذلك أو ذكر أكثره الا ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله فإنه عمل كتابين ذكر في أحدهما المصنفات وفي الآخر الأصول، غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد واخترم هو وعمد بعض ورثته إلى اهلاك الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكاه بعضهم. ومن هذا يعلم أن الشيخ لم يقف على كتب هذا الشيخ وظن هلاكها كما أخبر به، ولم يكن الامر كذلك لما يظهر من النجاشي من اطلاعه عليها وإخباره عنها، وقد بقي بعضها إلى زمان العلامة فإنه قال في ترجمة محمد بن مصادف: اختلف قول ابن الغضائري فيه ففي أحد الكتابين انه ضعيف وفي الآخر انه ثقة، وقال: عمر بن ثابت أبي المقدام ضعيف جدا قاله ابن الغضائري. وقال في كتابه الآخر: عمر بن أبي المقدام ثابت العجلي مولاهم الكوفي طعنوا عليه وليس عندي كما زعموا وهو ثقة.
سادسها تقدم النجاشي واتساع طرقه وادراكه كثيرا من المشايخ العارفين بالرجال ممن لم يدركهم الشيخ كالشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي وأبي الحسن أحمد بن محمد الجندي وأبي الفرج محمد بن علي الكاتب وغيرهم فان وفاته متأخرة عن وفاة الشيخ بإحدى وثلاثين سنة اه ويأتي تفصيلهم عند ذكر مشايخه. هذا وفهرست الشيخ عظيم جليل لا يقل فائدة عن كتاب النجاشي ان قلنا إن النجاشي أضبط مع أن للشيخ السبق بالفضل.
مشايخه في رجال بحر العلوم. ونحن نذكر هنا جملة مشايخه ممن ذكر لهم ترجمة في كتابه وغيرهم ممن تفرقت أسماؤهم في التراجم عند بيان الطرق إلى أصحاب الأصول والكتب ولم أجد أحدا تصدى لجمعهم وهو مهم جدا والتعبير عنهم يختلف كثيرا فيقع تارة بالكنية أو النسبة أو الصفة وتارة بالاسم وحده أو منسوبا إلى الأب أو الجد الأدنى أو الأعلى فيظن التعدد من لا خبرة له وهم اقسام فمنهم المسمى بمحمد وهم ستة أشهرهم وأفضلهم وأوثقهم.
1 الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد وهو المراد بقوله شيخنا أبو عبد الله وقوله محمد بن محمد ومحمد بن النعمان ومحمد على الاطلاق وترجمه في الكتاب.
2 أبو الفرج الكاتب محمد بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرة القناني ترجمه في الكتاب وروى عنه في التراجم كثيرا بلفظ أبو الفرج محمد بن علي بن أبي قرة أو أبو الفرج محمد بن علي الكاتب القناني أو محمد بن علي الكاتب أو أبو الفرج الكاتب أو أبو الفرج بلفظ أخبرنا وحدثنا ونحو ذلك والكل واحد. أما أبو الفرج محمد بن أبي عمران موسى بن علي بن عبد ربه عبدويه خ ل القزويني الكاتب فقد ترجمه وقال رأيت هذا الشيخ ولم يتفق لي سماع شئ منه فدل على أن المذكور بأخبرنا وحدثنا غيره ولا ينافيه ما في أحمد بن محمد الصولي له كتاب كان يرويه أبو الفرج محمد بن موسى بن علي القزويني وما في سليمان بن سفيان المستشرق قال أبو الفرج محمد بن موسى بن علي القزويني حدثنا إسماعيل بن علي الدعبلي فإنه محمول على النقل من كتبه.
3 أبو عبد الله محمد بن علي بن شاذان القزويني وهو من شيوخ إجازة النجاشي يروي عنه كثيرا قال في الحسين بن علوان أخبرنا إجازة محمد بن علي القزويني وتارة يقول محمد بن علي بن شاذان وتارة أبو عبد الله محمد بن علي القزويني وتارة أبو عبد الله بن شاذان القزويني وقد تكرر أبو عبد الله بن شاذان وأبو عبد الله القزويني وابن شاذان والكل واحد.
4 أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي ذكر لأبيه ترجمة وقال إنه صنف كتابين أخبرنا بهما ابنه أبو الحسن ولم يسمه بل اكتفى بكنيته وسماه الكراجكي في كنز الفوائد فقال في عدة مواضع منه حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي رضي الله عنه وتأتي ترجمته في محلها.
5 القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي كذا نسبه في ترجمة أبي شجاع الفارس بن سليمان وذكر ان له كتابا قرأه على القاضي المذكور وقال في ترجمة ابن أبي عمير انه سمع نوادره من القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان بن الحسن يقرأ عليه وفي ترجمة الحسين بن