وقال يرثي عمه السيد حسن محمود الأمين:
وافاك منهل السحاب * فغدوت زاهية الجناب تشقى وتسعد تربة * كالناس وهي من اليباب يا بقعة لي في ترابك * خير من فوق التراب ضرحوا بأرضك للزكي * فأنزليه على الرحاب تيهي فخارا بالنزيل * وطاولي شم الهضاب قل للألى هجروا الحمى * أبعدتم أمد الغياب ومروع ألف الأسى * قلق كقادمتي غراب أتبعته ركب الأحبة * فاقتفى أثر الركاب وبقيت بعد الراحلين * أسير دمع واكتئاب ما أدمع المحزون غير * عصارة القلب المذاب ذهب الذين أحبهم * متعاقبين على الذهاب وأمض ما يشجي الفتى * وقع المصاب على المصاب من كل أبلج كالشهاب * انقض في أثر الشهاب كانوا مصابيح الدجى * في قومهم وأسود غاب عماه قد عم الأسى * افقي وقد ضاقت رحابي عماه أوقفني المصاب * على شفير من عذاب فتجهمت واستوحشت * هذي البقية من شبابي عماه آب الغائبون * فهل لركبك من اياب ستطول بعدك لوعتي * ويدوم حزني وانتحابي هيهات لو كشف الغطا * ما زاد في الدنيا ارتيابي ظمآن أغراه السراب * فكيف يروى بالسراب ساروا بنعشك خاشعين * كسيرهم يوم الحساب يتهافتون عليه * كالظامي على برد الشراب ساروا حيارى والهين * وطاطاوا غلب الرقاب من للبيان السمح ينطق * فيه عن فضل الخطاب من للقوافي الغر * بنظمها كازهار الروابي من للندى يزينه * بروائع الأدب اللباب من للشباب يرد * جامحة إلى اسمى مآب من للصلاة وللخشوع * وللدعاء المستجاب من للقضاء العدل * يتبع فيه هج أبي تراب يقضي ويفصل في * الأمور فلا ولا يحابي يا ابن الألى فقهوا الحديث * وأوضحوا سنن الكتاب وابن الهداة الطيبين * تنزهوا عن كل عاب الداخلين إلى المكارم * والعلى من كل باب من كل مرموق السنا * كالسيف اسلط من قراب وصلوا إلى الحق الصراح * وكان أمنع من عقاب ساروا بسيرة جدهم * وكذا الشكير من الزغاب وقال يرثي شجرة له أحرقتها الصاعقة:
يا سرحة الحي ما للطائر الغرد * غنى على غصنك الزاهي ولم يعد غناك أجمل ما جادت قريحته * من كل عذراء في أثوابها الجدد غرستها بيدي حتى إذا ورفت * بعدت عنها وهذا لم يكن بيدي فيأت اظلالها صحبي فهل ذكروا * أيام لهو لهم في ظلها ودد طوى الزمان أحبائي على عجل * فقد بقيت ولا زندي ولا عضدي يا سرحة الحي لا أهلي ولا ولدي * كما عهدت ولا صحبي ولا بلدي تفرق القوم لا غر بمبتعد * عن الضلال ولا شيخ بمتئد إرادة الله شاءت وهي قاهرة * أن ينزل القرد منا منزل الأسد فهل نعود إلى أحسابنا فارى * ما شاده والدي يأوي له ولدي وقال:
أما آن للفجر المهيض طلوع * فتشرق أوطان لنا وربوع حدبنا عليه وارتقبنا بزوغه * كما حدبت فوق القلوب ضلوع هي " الوحدة الكبرى " التي طالما ثوى * شهيد على ثوراتها وصريع مشينا إليها خطوة بعد خطوة * وقد يجشم الليل البهيم مريع نحن إليها من قرون بعيدة * كما حن للأم الرؤوم رضيع وكم أزهقت منا نفوس أبية * وسال على حد الشفار نجيع نثرناهم نثر الأزاهير في الربى * وروى الثرى منا دم ودموع ثرى طبق الآفاق نشر عبيره * وما زال كالمسك الفتيت يضوع غياهب في آفاقنا قد تلبدت * تساوى لديها مغرب وطلوع " تسرمد " هذا الليل فينا وكلما * توارى هزيع يقتفيه هزيع وكم هامة منا انحنت عند ظالم * ودرت على الباغي الأثيم ضروع وكم خائن منا مشى في ركابه * وند عن النهج القويم قطيع وكم أحرقت للغاصبين مباخر * وكم أوقدت للحاكمين شموع وضاق على أحرارنا رحب ارضنا * ولكنه للأجنبي وسيع فكيف تباعدنا ونحن أقارب * وكيف تفرقنا ونحن جميع وفينا كفاءات وفينا مواهب * وجانبنا في الحالتين منيع وإن تذكر الأنساب يوما فإننا * لنا نسب بين الأنام رفيع أرومتنا في مغرس المجد قد نمت * ومدت لها في المشرقين فروع " وكنا لماء المزن ما في نصابنا * كهام ولا فينا يعد " وضيع وكنا إذا ما استنفرتنا مصيبة * تهاوت على صوت النفير جموع نسجنا من الإيمان درعا مفاضة * تقينا وايمان الشعوب دروع ولما تنازعنا على أخذ حقنا * أضعناه والحق المشاع يضيع كفرنا وخالفنا مبادئ قومنا * ولم يرض عنا " أحمد " و " يسوع " متى تشرق الأرض اليباب بنورها * ويزهو خريف عندها وربيع هل " الثورة الكبرى " على الظلم لم يزل * بساحاتها من يشتري ويبيع رسا قبل في دنيا " العروبة " أصلها * وقامت على تلك الأصول فروع تهاووا عليها كالنسور وكلهم * صبور على بلوائها ومطيع وهل لم يزل في " الرافدين " و " جلق " * مجيب إذا استنجدته وسميع تبدلت الدنيا فغلت جموعنا * وران عليها رهبة وخنوع وها هي قد سلت علينا سيوفنا * ونادى بها في الخافقين " مذيع " طلعنا على الدنيا بدورا وأشرقت * بنا الأرض واجتاح الظلام سطوع