مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٣٨
ولا تأخذ عن الاعراب لهوا * ولا عيشا، فعيشهم جديب ذر الألبان يشربها أناس * رفيق العيش عندهم غريب بأرض نبتها عشر وطلح * وأكثر صيدها ضبع وذيب إذا راب الحليب فبل عليه * ولا تحرج، فما في ذاك حوب فأطيب منه صافية شمول * يطوف بكاسها ساق أريب فهذا العيش، لا خيم البوادي * وهذا العيش، لا اللبن الحليب فأين البدو من إيوان كسرى * وأين من الميادين الزروب؟
وقوله:
عد عن رسم وعن كثب * واله عنه بأبنة العنب وقوله:
يا أيها العاذل دع ملحاتي * والوصف للموماة والفلاة دارسة وغير دارسات * وأنف هموم النفس باللذات ثالثا - ما أخذه عليه أحمد أمين في كتابه " ضحى الاسلام " حين تعرض - أي أبو نواس - إلى أبي عبيدة والأصمعي، قائلا: " أما أبو عبيدة فإنهم إن امكنوه قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين، وأما الأصمعي فبلبل يطربهم بنغماته ".
فقد رأى أحمد أمين في هذا الكلام تحيزا من أبي نواس لأبي عبيدة دون الأصمعي واستنتج من ذلك أن أبا نواس قد انتصر لأبي عبيدة لأنه فارسي، ولأن الأصمعي عربي.
هذه خلاصة ما يمكن استخلاصه من الأدلة التي ذكروها دليلا على شعوبية أبي نواس.
فهل تصلح هذه الأدلة لاثبات ذلك؟
- إذا واجهنا هذه الأدلة بنقد موضوعي، وجدناها قاصرة عن اثبات الدعوى.
ولننظر الآن في كل دليل على حدة:
أولا - اما الاستدلال على شعوبيته بما يظهر من مدح للفرس وذم للعرب في شعره فهو مردود من وجهين:
أ - لقد جاء في شعره أيضا ما يناقض ذلك تماما... أي أنه قد مدح العرب وذم الفرس، بل لقد كانت مدائحه للعرب من الكثرة بما لا يقاس به شعره الذي يظهر منه الذم لهم.. ومن أمثلة ذلك قوله في قصيدة من روائع شعره يمدح بها الفضل بن الربيع:
من طلل لم أشجه وشجاني * وهاج الهوى أو هاجه لاوان بلى، فازدهتني للصبا أريحية يمانية... ان السماح يماني وقوله في مدح القحطانيين:
... فافخر بقحطان غير مكتئب * فحاتم الجود من مناقبها ولا ترى فارسا كفارسها * إذا زلت الهام عن مناكبها عمرو، وقيس، والاشتران * وزيد الخيل، أسد لدى ملاعبها بل مل إلى الصيد من أشاوسها * والسادة الغر من مهالبها وحمير تنطق الرجال * بما اختارت من الفضل في مراتبها أحبب قريشا لحب أحمدها * واعرف لها الجزل من مواهبها ان قريشا إذا هي انتسبت * كان لنا الشطر من مناسبها وقوله في مدح الأمين العباسي:
فمن ذا الذي يرمي بسهميك في العلا * وعبد مناف والداك وحمير؟
وقوله في قصيدة غزلية خمرية:
وقهوة مثل عين الديك صافية * من خمر عانة أو من خمرة السيب كأن أحداقها والماء يفرغها * في ساحة الكاس أحداق اليعاسيب يسعى بها مثل قرن الشمس ذو كفل يشفي الضجيع بذي ظلم وتشنيب كأنه، كلما حاولت نائله * ذو نخوة قد نشا بين الأعاريب فهو في البيت الأخير إذ يريد ان يصف نخوة الساقي وإباءه، لا يجد تشبيها لنخوته يصورها أحسن تصوير وأبلغه، سوى نخوة العرب وابائهم وحميتهم...
وذلك يدل على مبلغ شعوره بفضل هذه النخوة العربية التي يظهر منه انه مفتون بها، وليس بعائب لها.
ومقابل ذلك قد هجا أبو نواس قوما من علية الفرس في رأي المجتمع يومئذ، وهم البرامكة، إذ قال في كبير زعمائهم جعفر بن يحيى:
لقد غرني من جعفر حسن بابه * ولم أدر ان اللؤم حشو اهابه فلست وان أخطأت في مدح جعفر * بأول انسان خ‍... في ثيابه وقد هجا غيرهم من الفرس بمثل ذلك أيضا... فهل إذن يصح الأخذ بمدح الفرس وذم العرب في بعض شعره دليلا على شعوبيته، ما دام قد مدح العرب وذم الفرس في بعض آخر من شعره؟...
ب - والوجه الآخر الذي نرد به هذا الدليل، هو ان أبا نواس حين كان يمدح أو يهجو، في مثل تلك المناسبات التي رأيناها في ما تقدم، لم يكن يمدح أو يهجو عن نزعة من نزعات التعصب لهؤلاء القوم أو أولئك ولا ضد هؤلاء أو أولئك، وانما كان الأمر عنده محض بدوات نفسية آنية تهيجها المناسبة الطارئة، ليعبر حينا عن ذلك الولع بالتحدي للمرائين من هذه الجماعة أو تلك، وليعبر حينا آخر عن ثورة غضب عابرة ضد شخص بعينه لأمر له معه ليس هو بأكثر من أمر عابر كذلك، وليعبر في أكثر الأحيان عن " مزاجه الخمري " إذا صح القول... فقد كان هذا المزاج الملازم له يأبى أن يشغله عن خمره وندمانه ولذته جليس لا يتقيد ب‍ " آداب الشراب " و " تقاليد المنادمة "، بل يخرج عليها ليشغل جلساءه بشؤون الجد كالتفاخر بالنسب والعنجهيات القبلية في وقت يريد أبو نواس فيه أن يستغرق بكل حواسه في متعة الشراب ودنيا " الصفاء "...
وأبو نواس نفسه يضع بأيدينا هذا التفسير " لمزاجه "، حين ينص في الأبيات التالية على " حقوق " الصحب والندمان، وهي التي سميناها " آداب الشراب " أو " تقاليد المنادمة ":
حقوق الصحب والندمان خمس * فأولها: التزين بالوقار وثانيها: مسامحة الندامى * وكم حمت السماحة من ذمار و ثالثها: وان كنت ابن خير * البرية محتدا، ترك الفخار ورابعها: فللندمان حق * سوى حق القرابة والجوار إذا حدثته فاكس الحديث * الذي حدثته ثوب اختصار وخامسها يدل به أخوه * على كرم الطبيعة والنجار كلام الليل ينساه نهارا له بإقالة عند العثار فهل أصرح دلالة على كراهته للمفاخرة بالأنساب على مجلس الشراب، من قوله: وثالثها، وان كنت ابن خير البرية محتدا، ترك الفخار.
ثم هو يؤكد تفسيرنا هذا " لمزاجه " بقوله أيضا:
في الكاس مشغلة، وفي لذاتها * فاجعل حديثك كله للكاس صفو التعاشر في مجانبة الأذى * وعلى اللبيب تخير الجلاس وبقوله كذلك:
لمثلي من الفتيان حلت، أخي الخمر وطابت له اللذات واسترخص السكر إذا كان شربي لا يكدر مجلسي * ولا يعتري فيه خصام ولا هجر من هنا رأينا أبا نواس يثني على الفرس وينفر من إحدى خصال بني تميم في قوله:
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301