مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
قاد الأمير هذه القوات إلى جبل عامل تنهب وتدمر القرى التي تمر بها (1).
وفي العشرين من تشرين الأول 1771 ظهرت على شاطئ صيدا المراكب المصرية التي وجهها ظاهر العمر من يافا لاحتلال المدينة، فحاولت أن تقوم بعملية إنزال بحري، لكن مدفعية المدينة حالت دونها، وتبادل الفريقان القصف ولم تلبث أن عانت مدفعية القلعة من نقص البارود. فطلب درويش باشا من القنصل الفرنسي في صيدا أن يزوده بالبارود، وإلا تعرضت الجالية الفرنسية لانتقام الأهالي، فاضطر الأخير أن يأتيه بعشرين رطلا من قعر إحدى السفن الفرنسية الراسية في ميناء صيدا. وحين وجد المصريون أنهم لم يتمكنوا من احتلال المدينة انسحبوا بمراكبهم إلى صور (2).
وفي 21 تشرين الأول وصلت إلى صيدا أنباء هزيمة الأمير يوسف في النبطية. فدب الرعب في قلب الشيخ علي جنبلاط ودرويش باشا، وخشيا أن تتابع زحفها إلى صيدا قوات جبل عامل المنتصرة، وليس لدى المدينة القوات الكافية للمدافعة عنها، مما يعرضها لخطر الوقوع في قبضة ظاهر وحلفائه (3).
كما شعر المشايخ الذين أبقاهم الأمير يوسف في المدينة بأن قواتهم سوف تتعرض للهزيمة بجانب القوات العثمانية، ولن ينالوا أية نتيجة من الدفاع عن صيدا ضد ظاهر والعامليين، فأخلوا المدينة بعد أن نهبوها وهرب معهم درويش باشا (4). وتسلمت سلطات المدينة مسؤولية الأمن فيها (5).
وقرر ظاهر وحلفاؤه الاستفادة من هذا النصر والعودة إلى صيدا، التي أصبحت خالية من الجنود بعد أن كانت تعج بهم (6). فسار الشيخ الزيداني بقواته من عكا إلى صور، حيث أقامت معسكرا فيها، وأمر المراكب الروسية الراسية في ميناء بالإبحار إلى صيدا (7).
وفي صباح الثالث والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1771 وصل المنتصرون إلى أبواب صيدا، وأعطوا السكان الأمان والطمأنينة، وأشاعوا بينهم بأنهم لن يسيئوا إلى أحد، فوثق الأهلون بكلامهم وفتحوا لهم أبواب المدينة، فدخلوها والسيوف بأيديهم، ثم أخذوا ينهبون كل ما صادفوه، وخلعوا وكسروا أبواب المنازل والمخازن، ورفعوا محتوياتها من مفروشات وثياب وبضائع. ولم يفرقوا في السلب بين رجل أو امرأة أو طفل، وخلال ثلاث ساعات لم يكن يسمع في المدينة سوى الصراخ والعويل ولكنهم لم يقتلوا أحدا (8).
وعم الخوف وخشي القنصل الفرنسي والجالية أن يصيبهم ما أصاب السكان، لكن الغزاة الجدد احترموا تعليمات ظاهر القاضية، بعدم التعرض للفرنسيين بأي أذى. وكلف القنصل بعض جنود ظاهر بحراسة الخان لمنع التعديات عنه، وقد أصابت النكبة جميع سكان المدينة ونادرا ما وجد منزل سلم من النهب (9).
وبعد ثلاث ساعات وصل إلى المدينة الشيخ ناصيف النصار والشيخ عباس العلي والشيخ علي ظاهر العمر فأوقفوا النهب وأبدوا كثيرا من الألم لما حصل (10). وبعد ما أمنوا القنصل الفرنسي، تركوا له حراسة على الخان، وأخرجوا جميع القوات التي اجتاحت المدينة وحاولوا إعادة النظام والهدوء إليها (11). ثم رسى ثمانية عشر مركبا تحمل المدينة من قبل علي بك ويدعى الكاشف المصطفى بك، معه سبعماية جندي أعادوا الأمن إلى صيدا (12). وأبدى الحاكم الجديد استياءه لما أصاب السكان، وأبلغ ترجمان القنصلية الفرنسية، بأن نية سيده علي بك إنقاذ الأهالي من الظلم وإنعاش التجارة، وبعد أن تفقد القلعة والمدينة (13)، طلب من المشايخ العامليين أن يخرجوا بفرسانهم (14). ثم حضر إلى صيدا حاكمها من قبل ظاهر العمر ويدعى أحمد آغا الدنكزلي ومعه قوات من الصفديين، واهتم بتحصين أسوار المدينة لتتمكن من الصمود إذا ما تعرضت لأي هجوم مفاجئ، واستخدم في سبيل ذلك عددا كبيرا من السكان. ومع ذلك ظلت الأسوار ضعيفة، لا يمكنها الصمود أمام طلقة مدفع، كما أفاد القنصل الفرنسي الذي شهد ذلك، (15) والذي ألقى مسؤولية سقوط المدينة على عثمان باشا وابنه دوريش (16).
وكانت معظم القوات المملوكية التي دخلت المدينة من الأتراك، الذين أجبرهم علي بك على الحضور إلى صيدا بالقوة، وكانوا في حالة خوف دائم من أن يتعرضوا لأي هجوم من رعايا جبل الدروز (17)، الذين كانوا يطالبون بإعادة صيدا لهم، لأن أجدادهم كانوا يحكمونها سابقا منذ القدم، وبأنهم سوف يسترجعونها عندما تحين الفرصة المناسبة (18).
صدى هزائم والي دمشق وحلفائه وبسقوط صيدا تكون جميع المدن الساحلية الشامية، الممتدة من غرة إلى صيدا وجانب كبير من فلسطين وولاية صيدا، قد تخلصت من السيطرة العثمانية واستبدلتها بنوع من الحكم الثنائي، المكون من ظاهر وناصيف وعلي بك. وبذلك يكون المتحالفان قد حققا الجانب الأكبر من مشروعهما التوسعي المشترك، القاضي بالسيطرة على كل الساحل الشامي (19) من غزة إلى طرابلس، على أن تمتد سلطة شيخ البلد لغاية غزة، في حين يخضع لسلطة ظاهر ما تبقى منه، على أن يقوم كلا منهما بالتوسع بمفرده وبجهوده الشخصية في عمق البلاد الخاضعة له. وذلك يمنحها موقعا ممتازا من حيث نجدة بعضهما، وسوف تكون بلاد ضاهر بمثابة حاجز يحمي علي بك من أعتى القوات، ويمكنه من الانصراف إلى الاهتمام بحماية ما تبقى من حدوده أي من الصحراء والمغرب والبحر (20).
حين علم السلطان العثماني مصطفى الثالث (1757 - 1774) بالهزائم التي مني بها عثمان باشا وحلفاؤه في بلاد الشام، وجد أن من غير المناسب أن يقيل عثمان باشا في أثناء وجود القوات المملوكية في بلاد الشام، لأن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة نفوذ علي بك الذي قد سبق وطلب من السلطان مع حليفه ظاهر العمر بإقالة الباشا، وساعد انسحاب القوات المصرية، بقيادة

(1) 1171. 11 / l le 17 Alep 9; 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(2) ibid.
(3) قولني، مصدر سابق ج 1، ص 77، عبود الصباغ، مصدر سابق، ورقة 31، حيدر الشهابي، مصدر سابق، ص 93، 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(4) مصدر سابق، ج 1، ص 77 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A, ibid.
(5) ibid.
(6) 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A. (7) 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A. (8) 1771 / 11 / 9, 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(9) ibid.
(10) 1771 / 11 / Alep le 17 91; 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(11) ibid.
(12) حيدر الركيني، مصدر سابق، مجلة العرفان، م 38، ص 56.
(13) 1771 / 11 / le 17 Alep 91; 1771 / 11 / 9, 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(14) 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(15) 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(16) 1771 / 5 / 2 - 4 / du 30 (Bulletin) Seyde le B 1035. E. A.
(17) 1717 / 11 / le 17 Alep 91; 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(18) ibid seyde.
(19) 1772 / 5 / 21, 1771 / 11 / Seyde le 9 B 1035. E. A.
(20) 1772 / 5 / Seyde le 21 B 1035. E. A.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301