مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
وكان يطالب بذلك من مركز قوة بعد انتصاره على عثمان باشا والي دمشق، وكان لهذا الانتصار صدى بالغ عند علي بك الكبير.
ويبدو أن علي بك لما اطمأن إلى مناعة حليفه في بلاد الشام أراد أن ينطلق في ميدان آخر يضمن له بسطه في الملك وسعة في الحكم فاتجهت أنظاره إلى الحجاز، فوجه إليه في شهر صفر سنة 1148 ه‍ (1770 م) حملة ناجحة استطاعت الاستيلاء على الحجاز وإقامة شريف في مكة يأتمر بأمر حاكم مصر هو الشريف عبد الله، الذي اعطى بما له من سلطة روحية لقب سلطان مصر وخاقان البحرين " لعلي بك الكبير.
وبعد هذا النجاح أخذ علي بك يتهيأ لحملة بلاد الشام، وجاء في مخطوط هذا النص: " وكان علي بك عزم على العصيان للدولة وطمع في تملك بلاد العرب ". مما يدل على ذيوع أهداف علي بك وانها عمل يؤدي بالاستقلال في البلاد العربية.
وفكر في الاستعانة على تحقيق أهدافه بالإمبراطورة كاترينا إمبراطورة روسيا على أن ترسل إليه المهندسين لاستخدامهم في الحصار، والضباط لتنظيم جيشه تنظيما حديثا، ولكن هذه الفكرة لم تسفر عن شئ عملي.
وأراد علي بك أن يجد المبرر لحملته فأرسل في آذار سنة 1767 إلى الباب العالي يشكو من عثمان باشا والي دمشق محتجا بأن بعض المصريين المطرودين استقبلهم عثمان باشا وشجعهم. كما أراد أن يستغل عواطف الشعب الشامي الذي كان يشكو من مظالم عثمان باشا، فاصدر منشورا في كانون الأول سنة 1770 يبشر به الشاميين بسعيه لإنقاذهم من الظلم.
وتتشابك الروايات هنا فيبدو من المصادر القديمة المخطوطة أن عثمان باشا والي الشام هو الذي بادر إلى تحدي ظاهر العمر، وربما كان ذلك اتفاقا مع الدولة ردا على مطالب ظاهر العمر التي ذكرناها، وان عثمان باشا اتفق مع أمراء الشوف في لبنان وعزموا على غزو ظاهر، وان هذا أرسل يستنجد بعلي بك وأنه انجده بحملة يقودها إسماعيل بك قوامها عشرة آلاف مقاتل، طليعة للحملة الكبرى، فأرسل ظاهر أولاده فقدموا مع إسماعيل بك إلى عكا، لكن هذا تباطا في انجاد ظاهر العمر وتعلل ببعض العلل وكان علي بك جهز حملة يقودها محمد أبي الذهب زحفت على الشام عبر الصحراء، كما أرسل سفنا لنقل الميرة من دمياط إلى عكا.
ويقول كتاب " الحملة الفرنسية " بأن عدد الجنود المصريين كان أربعين ألفا، ويقول مصدر آخر: " خرجت العساكر المصرية قاصدة بلاد الشام يقودها محمد بك أبو الذهب والتقى أولا بالسناجق المرسلة (بقيادة إسماعيل بك). وجاء أولاد ظاهر العمر ومشايخ المتأولة (العامليين) وانضموا إليه فصار جيشه ينيف على ستين ألفا. وهذا المصدر لم يحدد عدد الجنود المصريين فإذا أخذنا بما جاء في المصدر الأول يكون عدد المنضمين من جنود فلسطين وجنود جبل عامل عشرين ألفا.
وتقدم محمد أبو الذهب بحملته المصرية العاملية الفلسطينية طالبا دمشق فاشتبك بقوى عثمان باشا فهزمها، ثم خيم حول دمشق، وأرسل إلى الدمشقيين كتابا احضره من علي بك يتضمن ذما لعثمان باشا واستنصارا بالدين عليه، قائلا أن المذاهب الأربعة أفتت بقتالة وان الأمة لا تجتمع على الضلالة فاستخرنا الله وسألناه أن ينصر دين محمد بعلي (يعني نفسه)، فخرج الدمشقيون إلى أبي الذهب مستأمنين فأمنهم ودخل دمشق في نهاية تشرين الثاني سنة 1771 وتقدم إلى القلعة وكان جنوده يحاصرونها فاستسلمت وفر عثمان باشا إلى حمص.
كان النصر إلى حد ما حاسما، إذ استطاع أبو الذهب أن يهزم قوى الدولة متمثلة بعثمان باشا، كما اجتاز فلسطين، وأصبح الطريق مفتوحا أمامه لاستصفاء بلاد الشام كلها.
وهنا حدثت المفاجأة وكانت وستظل لغزا من الألغاز، فإن محمد أبو الذهب وهو في قمة انتصاره بدلا من أن يواصل الزحف متوغلا في سوريا، إذا هو يعلن الانسحاب إلى مصر واهدار النصر إهدارا كاملا.
واختلفت الأقوال في أسباب التراجع فنسبة بعضهم إلى تأثير إسماعيل بك قائد الحملة الأولى الذي رفض من أول الأمر القتال مع ظاهر العمر، وأنه أخذ يخوف أبا الذهب عاقبة الأمر والخروج على السلطان، وأنه كان يستغل بعض التصرفات ويحذره من ظاهر العمر قائلا له: انظر كيف يجلس علي الظاهر في مجلسك كأنه في مجلس بعض الصعاليك.
ومهما يكن من أمر فان محمد أبو الذهب انسحب من دمشق وعاد في طريقه التي جاء منها متجها إلى مصر.
وأسقط في أيدي الفلسطينيين والعامليين وعاد كل منهم إلى بلاده.
ولسنا الآن في صدد تدوين الأحداث التي وقعت من بعد بين علي بك وأبي الذهب وإنما نكتفي بالقول، ان عودة أبي الذهب إلى مصر بمثل ما عاد به من الخيانة أدت إلى نشوب صراع بينه وبين علي بك، كانت نهايته انهزام علي بك ولجوءه مع فريق من جنوده إلى حليفه ظاهر العمر وتعاونهما في فلسطين على قتال العثمانيين. ثم عودته إلى مصر مزود بنجدات من ظاهر العمر، فتلقاه أبو الذهب وهزمه، ثم لم يلبث أن مات في 15 صفر سنة 1187 ه‍ (1773) متأثرا بجراحه التي أصابته خلال المعركة.
أما أبو الذهب فيبدو أن أحلام علي بك الكبير عاودته هو نفسه فطمع بالاستيلاء على بلاد الشام، ولكن لا تحالفا مع ظاهر العمر وناصيف النصار، بل حربا عليهما. فخرج في آذار سنة 1775 وتقدم إلى فلسطين وانتصر على ظاهر العمر في يافا وتقدم نحو عكا فانسحب منها ظاهر متحاشيا الاصطدام بأبي الذهب. ولم يجد ظاهر ملجا له إلا عند حلفائه العامليين فقصد جبل عامل وحل في قلعة هونين ضيفا على الشيخ قبلان.
وبعد انتصار أبي الذهب على الفلسطينيين بقي أمامه ناصيف النصار حليف ظاهر، وفي رواية عاملية، ان ناصيف قصد إلى عكا متصلا بأبي الذهب وأن أبا الذهب احتفى به وأكرمه. والواقع أنه بعد هزيمة ظاهر العمر لم يكن للعامليين قبل بمحاربة أبي الذهب فكان لا بد لهم من معالجة الأمر بالوسائل السلمية، ولا ندري حقيقة ما حدث في عكا بين ناصيف وأبي الذهب، فإن رواية أخرى تقول أن أبا الذهب منع ناصيف من الرجوع إلى أن يأتي جميع الزعماء العامليين.
على أن ما لا شك فيه أن أبا الذهب كان مصمما على الزحف على جبل عامل سالكا إليه طريق الحولة وكان لا بد من أعمال الروية والحكمة فاجتمع
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301