التميمي الموصلي، الأخباري صاحب الموسيقي والشعر... جاء في كتاب الأغاني والمآخذ والمصادر الأخرى حول والد إسحاق " إبراهيم بن ميمون " أنه كان أكبر المغنين في عصره وكان يغني لعدد من الخلفاء العباسيين، " المهدي والهادي والرشيد " وينقلون عنه قصصا كثيره ويقولون عنه أنه: " إبراهيم بن ماهان بن بهمن بن نسك التميمي بالولاء، الأرجاني الأصل " وجاء هذا الذكر في كتاب الأغاني بالتفصيل بأنه كان من أهالي أرجان وولد في الكوفة وتيتم ثم ذهب في طفولته إلى البصرة وتعلم الموسيقي فيها ثم سمى نفسه فيما بعد إبراهيم بن ميمون (بدلا من ماهان) كان قد اشتهر بالموصلي. حيث قضى فترة من الزمن في الموصل. ولما كان من موالي بني تميم سمي بالتميمي. ويبدو أن هذه الأسرة كانت قد عرفت " بالموصلي " مدة من الزمن. يقول ابن الجوزي:
" إسحاق بن إبراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي المعروف والده بالموصلي " وسمي إسحاق نفسه في الكتب مرارا ب " إسحاق الموصلي " وكان والده يكنى ب (أبو إسحاق).
النديم أو ابن النديم في الوقت الذي كان إسحاق بن إبراهيم وعائلته معروفين ب " الموصلي " وخاصة إبراهيم الذي كان قد اشتهر ب (الموصلي) إلا أنهم كانوا يعرفون ب " النديم " كما أشرنا سابقا فإن الذهبي قد سماه " إسحاق النديم " إلا أنه يقول في الترجمة:
" إسحاق بن إبراهيم بن ميمون، أبو محمد التميمي الموصلي، ابن النديم " ويقول ياقوت " وأما كتاب الأغاني الكبير فقال محمد بن إسحاق النديم قرأت... " جاء في معجم المؤلفين عن إسحاق بن إبراهيم: " إسحاق النديم " (150 - 235) وبعد أن يذكر نسبه يقول: " المعروف بابن النديم ".
إذا ففي ثلاثة مصادر ومآخذ أي " سير أعلام النبلاء، معجم الأدباء "، ومعجم المؤلفين " نرى أن إسحاق بن إبراهيم سمي تارة بن " النديم " وتارة أخرى ب " ابن النديم ". وسبب هذا الاختلاف هو أن إسحاق ووالده إبراهيم كانا " نديمين للخلفاء "، حيث كان إبراهيم نديما للمهدي والهادي والرشيد، وكذلك نديما ليحيى البرمكي وربما لم يكن معروفا ب " النديم " وأن لقبه كان " الموصلي " و " المغني ".
أما ابنه إسحاق. كان وكما ذكرنا آنفا نديما لثلاثة من الخلفاء هم " الرشيد والمأمون والواثق " وأن الوالد والولد كانا نديمين لخمسة من الخلفاء العباسيين.
توفي إسحاق في بغداد في سنة 235 في مستهل خلافة المتوكل ولما بلغ نبأ وفاته إلى المتوكل حزن من ذلك ولما أبلغوه بعد ذلك بنبأ وفاة أحمد بن عيسى بن زيد بن علي قال هذان الحادثان عوض بعضهما البعض حيث كان يخاف من ثورة أحمد.
إذا فإن لقب " النديم وابن النديم " في عائلة إسحاق بن إبراهيم كانتا موجودتين بعد " الموصلي " والمغني بالنسبة له ولوالده إبراهيم.
يقول الزركلي عن " إسحاق بن إبراهيم ": " ابن النديم الموصلي.. أبو محمد ابن النديم " ولكي نتأكد ونتيقن عن " النديم " في لقب إسحاق يكفي أن نعلم أن ابن بسام الشاعر وكذلك محمد بن يحيى الصولي.. صنفا كتاب " أخبار إسحاق النديم " كما أن إسحاق وولده حماد صنفا كتاب " أخبار الندامى " يدلان على ارتباط هؤلاء بهما.
عنوان النديم الندامة والمنادمة عبارة عن المؤانسة والمعاشرة الطيبة حيث أن أكثر الخلفاء والأمراء والوزراء بسبب كثرة انشغالهم وتعبهم أو مرحهم بحاجة إلى مثل هؤلاء وذلك لكل واحد منهم ندماء. وخير مصدر لهذا الفن، هو كتاب الفهرست لابن النديم الذي يقول " الفن الثالث من المقالة الثالثة من كتاب الفهرست، ويحتوي على أخبار الندماء والجلساء، والأدباء والمغنين، والصفادمة، والصناعة وأسماء كتبهم ".
من هذه العناوين يمكن أن ندرك جيدا أن ندماء الخلفاء كانوا من أي من الرجال وماذا كانت فنونهم، كانوا رجال شعر وأدب ومؤانسة وغناء لكي يتمكنوا من إرضاء مجالس أصحابهم ويفرحون قلوبهم. إن الندماء كانوا على الأكثر يجيدون كل هذه الفنون بما في ذلك علمهم بالأنباء والأحداث الماضية، قالوا عن إسحاق " كان حسن المعرفة حلو النادرة مليح المحاضرة " الغريب أن ابن النديم يبدأ هذا القسم بأخبار إسحاق بن إبراهيم الموصلي ووالده ويقول: ولد إبراهيم في سنة 120 وتوفي ببغداد في سنة 188 ثم يذكر نسبه كما أشرنا إليه سابقا ثم يذكر أن إسحاق ولد سنة 150 وتوفي سنة 235 وهو في الخامسة والثمانين من عمره. ويقول في ترتيب نسب إبراهيم بن ماهان بن بهمن بن نسك: " أصله من فارس. خرج (يعني ماهان) هاربا منها من جور بني أمية في خراج كان عليه، فأتى الكوفة.. ".
في كتب الأغاني ج 5 ص 154 يقول عن لسان إسحاق بن إبراهيم أنه قال: أصلنا من فارس من عائلة شريفة. جدنا ميمون هرب من جور أحد رجال بني أمية فأتى الكوفة في بني عبد الله بن دارم (من بني تميم). وكانت والدة إبراهيم امرأة من الهاربات من فارس اللاتي أتين الكوفة مع ميمون وأن (ماهان) ميمون تزوجها وأنجبت له إبراهيم ولكن ميمون توفي بمرض الطاعون أو الوباء وترك إبراهيم يتيما وكان ميلاد إبراهيم سنة 125 في الكوفة وكان عند وفاة والده طفلا في الثانية أو الثالثة من العمر وبقي هناك حتى شبابه وتعلم فيها مع أولاد خزيمة بن حازم ولهذا كان مخلصا لبني تميم (ص 155). وفي الكوفة صادق الشطار وانحاز إلى الغناء. شدد أخواله الحال عليه فذهب إلى الموصل فتعلم الغناء هناك على أيدي بعض الشطار ولما عاد إلى الكوفة رحب به أصدقاؤه القدامى وقالوا له " مرحبا بالمغني الموصلي " وهذا كان السبب في ذيوع صيته ب " الموصلي " ص 158. ثم ذهب إلى الري وتعلم فيها الموسيقي الفارسية والعربية وتزوج فيها مع والدة إسحاق (شاهك).. بدأ الغناء في الري وسافر إلى (الأبلة) إحدى قرى البصرة للاستزادة من فنه وفي البصرة التحق بمحمد بن سليمان بن علي وبعدها أخذه أحد رجال المهدي العباسي إلى هذا الخليفة وحظي باهتمام الخليفة. ص 159. يذكر ابن النديم.
أحوال إسحاق وإبراهيم في عدة صفحات ولكنه ينفي انتساب كتاب " الأغاني الكبير " إلى إسحاق، ثم يذكر أحوال " حماد بن إسحاق " الذي كان يشارك والده في الغناء. وهناك في المآخذ والمصادر الأخرى منها " الأغاني ج 5 " روايات كثيرة منقولة من حماد عن والده إسحاق. في عائلة " الموصلي " إضافة إلى إبراهيم وإسحاق فإن " طياب " شقيق إسحاق و " حماد " ابنه كانا هاويين للموسيقى ولكنهما لم يبلغا ما بلغه إبراهيم وإسحاق. والغريب أن ابن النديم يشير في الفن الثالث الذي يحتوي على أخبار الندماء إلى هذه العائلة ولكن لا يشيد بإسحاق وإبراهيم ولا يصفها ب (النديم أو ابن النديم) ويصفهما ب " الموصلي ". في حين أن المصادر الأخرى كما ذكرنا يذكرانهما ب " النديم وابن النديم " وسنشرح ذلك فيما بعد.
صلة ابن النديم مع هذه الأسرة يجب أن نعرف أربعة أشخاص: محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق:
يعني محمدين اثنين وإسحاقين اثنين، المحمد الأول هو صاحب الفهرست، والإسحاق الأول هو والده وقلنا أنه اشتهر ب " أبي يعقوب الوراق " ولا شك