تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٩ - الصفحة ١٧
4 (تقليد صلاح الدين أمور الخليفة)) وقلد العاضد الملك الناصر صلاح الدين يوسف الأمور، وهو لقبه الملك الناصر، وكتب تقليده القاضي الفاضل، فقام بالسلطنة أتم قيام.
قال العماد في البرق الشامي بعد أن ذكر استباحة الفرنج بلبيس: فأناخوا على القاهرة معولين على المحاصرة في عاشر صفر، فخاف الناس من نوبة بلبيس، فلو أن الفرنج لم يعمدوا بالسوء في بلبيس لو ثقت منهم القاهرة، ولم تدم المحاصرة. وأحرق شاور مصر، وخاف عليها منهم، فبقيت النار تعمل فيها أربعة وخمسين يوما. وكان غرضه أن يأمن عليها من العدو الكافر، ثم عرف العجز، فشرع في الحيل، فأرسل إلى ملك الفرنج يبذل له المودة، وأنه يراه لدهره العمدة، فأحسن له العدة، ووفر لرجائه الجدة، وقال: أمهلني حتى أجمع لك الدنانير، وأنفذ لك منها قناطير، وأطمعه في ألف ألف دينار معجلة ومنجمة، وتوثق منه بمواثيق مستحكمة، ثم قال له: ترحل عنا، وتوسع الخناق، وتترك الشقاق. وعجل له مائة ألف دينار حيلة وخداعا، ووصل بكتبه نور الدين مستصرخا مستنفرا، وفي طيها ذوائب مجزوزة وعصائب محزوزة، وبقي ينفذ للفرنج في كل حين مالا، ويطلب منهم إمهالا، حتى أتى الغوث، فسلب أسد الدين القرار، وساق في ليلة إلى حلب، وقال إن الفرنج قد استحكم في البلاد المصرية طمعهم، ليس في الوجود غيرك من يرغمهم، ومتى تجمع العسكر وكيف تدفعهم فقال له: خزانتي لك، فخذ منها ما تريد، ويصحبك أجنادي. وعجل له بمائتي ألف دينار، وأمر خازنه ولي الدين إسماعيل بأن يعطيه ما يطلب. فقال: أمضي إلى الرحبة لجمع التركمان.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»