فتوح البلدان - البلاذري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٨
أمر البطائح 741 - حدثني جماعة من أهل العلم أن الفرس كانت تتحدث بزوال ملكها وتروى في آية ذلك زلازل وطوفانا تحدث. وكانت دجلة تصب إلى دجلة البصرة التي تدعى العوراء في أنهار متشعبة من عمود مجراها الذي كان باقي مائها يجرى فيه، وهو كبعض تلك الأنهار. فلما كان زمان قباذ بن فيروز انبثق في أسافل كسكر بثق عظيم، فأغفل حتى غلب ماؤه وغرق كثيرا من أرضين عامرة. وكان قباذ واهنا قليل التفقد لامره. فلما ولى أنوشروان ابنه أمر بذلك الماء فردم بالمسنيات حتى عاد بعض تلك الأرضين إلى عماره.
ثم لما كانت السنة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى أبرويز وهي سنة سبع من الهجرة، ويقال سنة ست، زاد الفرات ودجلة زيادة عظيمة لم ير مثلها قبلها ولا بعدها. وانبثقت بثوق عظام، فجهد أبرويز أن يسكرها فغلبه الماء، ومال إلى موضع البطائح فطفا على العمارات والزروع فغرق عدة طساسيج كانت هناك. وركب كسرى بنفسه لسد تلك البثوق، ونثر الأموال على الأنطاع وقتل الفعلة بالكفاية، وصلب على بعض البثوق فيما يقال أربعين جسارا في يوم فلم يقدر للماء على حيلة. ثم دخلت العرب أرض العراق وشغلت (ص 292) الأعاجم بالحروب. فكانت البثوق تتفجر فلا يلتفت إليها ويعجز الدهاقين عن سد عظمها. فاتسعت البطيحة وعرضت.
فلما ولى معاوية بن أبي سفيان ولى عبد الله بن دراج مولاه خراج العراق، واستخرج له من الأرضين بالبطائح ما بلغت غلته خمسة آلاف ألف. وذلك أنه قطع القصب وغلب الماء بالمسنيات.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست