ارتفع الغبار قال الواقدي حدثنا أبو الزناد عن عبد الله عن أبي مالك الخولاني عن طارق بن شهاب الجرهمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن نتحدث مع الفضل وإذا بالغبار قد قرب منا وانكشف عن عشرة آلاف فارس ومعهم الأعلام والصلبان فلما رأونا رطنوا بلغتهم ثم لم يمهلوا دون أن حملوا قال الراوي وكان ضرار بن الأزور قد انفرد ومعه مائتان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل النجدة وساروا في طريق الجبل على غير الجادة فبينما هم يسيرون إذا بالغبار قد ثار وانكشف عمن ذكرنا فلما عاينوهم أيقنوا بالهلاك فعندها وثب ضرار رضي الله عنه وقال لا فرار من الموت فلم يمهلوهم دون أن داروا عليهم فرأوا أن لا بد لهم من القتال والتقت الرجال بالرجال وصبروا صبر الكرام وأحاطت بهم الروم اللئام من كل جانب ومكان فلله در ضرار لقد قاتل قتالا شديدا فلم يكن غير ساعة حتى قتل من جماعة ضرار جماعة وكبابه جواده فأسروه وأسروا جماعة من أصحابه وكان الذي قاتلهم راس البطارقة صاحب ببا الكبرى فأوثقوا ضرارا وأصحابه كتافا وربطوهم على ظهور خيولهم وأرسلوهم إلى العسكر وانفلت من القوم مولى من موالي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق يقال له سالم فسار يجد في مسيره حتى قدم على خالد وعمرو فعند ذلك وثب المسيب بن نجيبة الفزاري ورافع بن عميرة الطائي وأخذا معهما ألفا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار ومعهما رجل من أسلم من الجيزة يدلهم على طريق غير الجادة وكمنوا هناك عند الدير وقد سبقوا البطريق الذي أسر ضرار وأصحابه وقد أختفى عنهم الأثر فقال الدليل أظنكم قد سبقتم القوم اكمنوا ههنا وكان الذي مضى بضرار وأصحابه خمسمائة فارس قال الراوي وكانت خولة بنت الأزور قد شق عليها أسر أخيها ضرار فلما سار المسيب ورافع وجماعتهما في طلب أخيها تهللت فرحا وأسرعت في لبس سلاحها وأتت إلى خالد وقد هم القوم بالمسير وقالت أيها الأمير سألتك بالطاهر المطهر الا ما سيرتني مع هؤلاء عسى أن أكون مشاهدة لهم فقال خالد للمسيب ورافع أنتما تعلمان شجاعتها وبراعتها فخذاها معكما فقالا السمع والطاعة ونزلوا بالمكان المذكور فبينما هم كذلك كامنون إذا بغبرة قد لاحت لهم فقال لهم رافع أيقظوا خواطركم فأيقظت
(٢٣١)