فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٣
الميمنة ويقاتل والراية بيده ولله در مسلم بن عقيل وأخويه لقد قاتلوا حتى صارت الدماء على دروعهم كقطع أكباد الإبل ولله در أبا سليمان بن خالد بن الوليد المقتول بوقعة الدير قريبا من طرا بقرية تسمى دهروط وقتل معه عبد الله بن المقداد وجماعة وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى قال محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه وقاتلنا قتال الموت وأيقنا ان المحشر من ذلك الموضع ولم نزل في قتال من ارتفاع الشمس حتى غربت وقد قتل من الروم مقتلة عظيمة وتقدم الفضل إلى بطريق عظيم راكب كأنه برج من ذهب وطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره فلما رأت الروم ذلك شجعوا أنفسهم وفشا القتال بيننا وبينهم وقتل من المسلمين أربعون رجلا وقتل منهم ثلاثمائة لكن الرجل ما قتل منا حتى قتل جماعة من الروم فبينما نحن كذلك وقد أيقنا أن الموت في ذلك الموقف ووطنا عليه نفوسنا وإذا بغبرة قد طلعت والعجاج قد ارتفع وانقشع الغبار عن رايات اسلامية وعصابة محمدية زهاء من ألفي فارس وفي أوائلهم فرسان أمجاد سادات أنجاد أحدهم المقداد والثاني زياد والقعقاع بن عمرو وشرحبيل بن حسنة ومعهم ألف فارس فلم يمهل المقداد دون أن حمل وخاض في الخيل وهو ينشد ويقول * ألا انني المقداد أكبر صائل * وسيفي على الأعداء أطول طائل * إذا اشتدت الأهوال كنت أمامها * وأضرب بالسمر الطوال الذوابل * ولي همة بين الورى تردع العدا * لها تشهد الابطال بين القبائل * فليس لسيفي في الأنام مبارز * وليس لشخصي في الأنام منازل * ثم إنه خاض في وسط الحرب وحمل من بعده زياد بن أبي سفيان وهو ينشد ويقول * أنا زياد بن أبي سفيان * جدي يرى من أشرف العربان * كذا ابن عمي أحمد العدناني * معي حسام ثم رمح ثاني * أطعن كل كافر جبان * وكل قلب ناقص الايمان * قال الراوي ثم غاص في وسط القوم فقلب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة وغاص في القلب فولت الروم من بين يديه منهزمين وهو يضرب السيف فيهم طولا وعرضا ثم حمل من بعده القعقاع بن عمرو التميمي وهو ينشد ويقول * أنا الهمام الفارس القعقاع * ليث همام ضيغم مطاع * معي حسام يبرئ الأوجاع * ويقطع الهامات والأضلاع * يا ويل أهل الشرك والنزاع * مني إذا في الحرب طال الباع *
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»