أخبار القضاة - محمد بن خلف بن حيان - ج ٢ - الصفحة ١٠٧
هذا القول ما أتى من القرون والسنين فان رأى أمير المؤمنين أن يكون بحضرته قوم منتخبون من أهل الأمصار أهل صدق وعلم بالسنة أولو حنكة وعقول وورع لما يرد عليه من أمور الناس وأحكامهم وما يرفع اليه من مظالمهم فليفعل فان أمير المؤمنين؛ وإن كان الله قد أنعم عليه وأفضل بما أفاد من العلم بكتابة وسنته رد عليه أمور هذه الأمة أهل شرقها وغربها ودانيها وقاصيها فيشغله بعضها عن بعض ففي ذلك عون صدق على ما هو فيه إن شاء الله وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل عليه وهو خير وأبقى وأبر وأعلم ممن سواه من الناس * (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) * وقال للقوم وهو يصف حسن أعمالهم: * (وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون وذلك إلى ما قد سر الناس مما بلغهم من بروز أمير المؤمنين لهم وبحاجاتهم ورجوا أن يتم الله ذلك لأمير المؤمنين بمباشرته أمورهم وصبره نفسه على ذلك لهم وأن يزيده الله قوة ورغبة فيه ومواظبة عليه فان ذلك من أعلام العدل وآياته ومما يقوم به الوالي على أمر الرعية ويخلص به إلى التي يريد المبالغة فيها والمباشرة لها فتمم الله ذلك لأمير المؤمنين ويسره له وأرجو أن يكون طائره إلى ذلك علمه بعدله ودينه وقوته ونظره لنفسه واختياره لها خيار الأمور وأحسنها؛ وأنى قد عرف ما قيل في إغلاق الباب دون ذوى الحاجة والخلة والمسكنة أسأل الله لأمير المؤمنين رحمته وسعة فضله وأن يجعل ولايته ولاية معدلة ويرزقه معافاة وأن يلهمه العطف على الرعية والرأفة بهم والرحمة لهم وأن يرزقه منهم السمع والطاعة وأن يجمع كلمتهم ويلم شعثهم.
وكتب الحكم في صفر سنة تسع وخمسين ومائه.
أخبرني عبد الله بن الحكم عن النميري عن خلاد بن يزيد ومحمد بن عبد الله وحماد الثقفي أن المنصور أبا جعفر لما توفي خرج عبيد الله بن
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»