سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
أخرج هؤلاء، لفعلت، ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء، وأنا أريد أن أتحول إلى بيعة أهلها أهون عبادة، فإن شئت أن تقيم ها هنا، فأقم.
فأقام بها يتعبد معهم، ثم إن شيخه أراد أن يأتي بيت المقدس، فدعا سلمان، وأعلمه، فانطلق معه، فمروا بمقعد على الطريق، فنادى: يا سيد الرهبان ارحمني. فلم يكلمه حتى أتى بيت المقدس، فقال لسلمان: اخرج فاطلب العلم، فإنه يحضر المسجد علماء أهل الأرض.
فخرج سلمان يسمع منهم، فخرج يوما حزينا، فقال له الشيخ: مالك؟
قال: أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم.
قال: أجل، لا تحزن فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعا (1) منه، وهذا زمانه، ولا أراني أدركه، ولعلك تدركه. وهو يخرج في أرض العرب، فإن أدركته فآمن به. قال: فأخبرني عن علامته. قال: مختوم في ظهره بخاتم النبوة، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة.
ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد. فناداهما: يا سيد الرهبان، ارحمني يرحمك الله، فعطف إليه حماره (2)، فأخذ بيده، ثم رفعه، فضرب به الأرض ودعا له، فقال: قم بإذن الله، فقام صحيحا يشتد (3)، وسار الراهب، فتغيب عن سلمان وتطلبه سلمان. فلقيه رجلان من كلب (4)، فقال: هل رأيتما الراهب؟
فأناخ أحدهما راحلته وقال: نعم، راعي الصرمة (5) هذا فانطلق به إلى المدينة.

(1) تحرفت في المطبوع إلى " نبيا ".
(2) تحرفت " حماره " في المطبوع إلى " جاره ".
(3) تحرفت في المطبوع إلى " يسير ".
(4) تحرفت في المطبوع إلى " كليب ".
(5) والصرمة: القطعة من الإبل ما بين العشرة إلى الأربعين. والجمع صرم، وقد ترك محقق المطبوع مكانها فارغا.
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»