سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٥٣
محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ، نظروا إليه هيبة له (1).
جعفر بن برقان: حدثنا حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سلمة الخولاني قال: دخلت مسجد حمص، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من الصحابة، فإذا فيهم شاب أكحل العينين، براق الثنايا ساكت، فإذا امترى القوم، أقبلوا عليه، فسألوه، فقلت: من هذا؟ قيل: معاذ بن جبل. فوقعت محبته في قلبي (2).
معمر: عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب قال: كان معاذ شابا جميلا سمحا من خير شباب قومه، لا يسأل شيئا إلا أعطاه، حتى كان عليه دين أغلق ماله كله، فسأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يكلم له غرماءه ففعل، فلم يضعوا له شيئا، فلو ترك أحد (3) لكلام أحد، لترك لمعاذ لكلام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فدعاه النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم يبرح حتى باع ماله، وقسمه بينهم، فقام معاذ ولا مال له، ثم بعثه على اليمن ليجبره، فكان أول من تجر في هذا المال، فقدم على أبي بكر، فقال له عمر: هل لك يا معاذ أن تطيعني؟ تدفع هذا المال إلى أبي بكر، فإن أعطاكه فاقبله، فقال: لا أدفعه إليه، وإنما بعثني نبي الله ليجبرني، فانطلق عمر إلى أبي بكر، فقال: خذ منه ودع له، قال: ما كنت لافعل، وإنما بعثه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليجبره، فلما أصبح معاذ، انطلق إلى عمر، فقال: ما أراني إلا فاعل الذي قلت، لقد رأيتني البارحة، أظنه قال: أجر إلى النار، وأنت آخذ بحجزتي. فانطلق إلى أبي بكر بكل ما جاء به، حتى جاءه بسوطه،

(1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 231.
(2) أخرجه الحاكم 3 / 269، وابن سعد 3 / 2 / 125، وأبو نعيم في " الحلية " 1 / 230.
(3) تحرفت في المطبوع إلى " شئ ".
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»