سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٤٨
شعبة: عن محمد بن عبيد الله، عن الحارث بن عمرو الثقفي قال: أخبرنا أصحابنا، عن معاذ قال: لما بعثني النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى اليمن، قال لي: كيف تقضي إن عرض قضاء؟ قال: قلت: أقضي (1) بما في كتاب الله، فإن لم يكن، فبما قضى به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم يكن فيما قضى به الرسول؟
قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب صدري، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما يرضي رسول الله (2).
أبو اليمان: حدثنا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حميد السكوني أن معاذ بن جبل لما بعثه النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى اليمن خرج يوصيه، ومعاذ راكب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يمشي تحت راحلته، فلما فرغ، قال:
" يا معاذ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري " (3). فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله، قال: " لا تبك يا معاذ، أو إن البكاء من الشيطان " (4).
قال سيف بن عمر: حدثنا سهل بن يوسف، عن أبيه عن عبيد بن صخر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ودعه معاذ، قال: " حفظك الله من بين يديك ومن خلفك، ودرأ

(1) سقطت من المطبوع.
(2) أخرجه أحمد 5 / 236، 242، وأبو داود (3592) و (3593) في الأقضية: باب اجتهاد الرأي في القضاء، والترمذي (1327) و (1328) في الاحكام: باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، وابن سعد 3 / 2 / 121، وانظر شرح السنة للبغوي بتحقيقنا 10 / 116 و " إعلام الموقعين " 1 / 202 وما بعدها.
(3) تحرفت في المطبوع إلى " مقامي ".
(4) رجاله ثقات وهو في " المسند " 5 / 235 من طريق أبي اليمان، به، وانظر " سيرة ابن كثير " 4 / 193. والجشع: الجزع لفراق الألف. وفي حديث جابر رضي الله عنه: ثم أقبل علينا، فقال:
أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟ قال: فجشعنا.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»