الأدلة من كون الثالثة بدعة ونحوه القاضية بحرمة الفعل كما هو واضح.
ثم إنه بعد البناء على الحرمة فهل يفسد الوضوء بفعلها أولا؟ أقوال أربعة: (الأول) الفساد مطلقا كما هو ظاهر إشارة السبق وعن كافي أبي الصلاح، (الثاني) الصحة مطلقا، واستوجهه المصنف في المعتبر، و (الثالث) الفساد إن مسح بمائها، لكونه ماء جديدا و (الرابع) تخصيص البطلان بغسل اليسرى ثلاثا، لكونه المستلزم المسح بماء جديد دون غيره، وكان مستند (الأول) قوله (عليه السلام) في صدر خبر داود المتقدم: " ومن توضأ ثلاثا فلا صلاة له " وفي آخره " توضأ مثنى مثنى، ولا تزدن فإن زدت فلا صلاة لك " وقول الصادق (عليه السلام) في خبر السكوني " إن من تعدى في الوضوء كان كناقضه " مضافا إلى قوله (صلى الله عليه وآله) في غير المشتمل على الثلاث " إن هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " وأنه لم يأت بالمأمور على وجهه، لكون المفروض أنه مأمور به مرة مرة واجبا ومثنى مثنى مستحبا، والتثليث مناف للكيفيتين، وقد تكون الاثنينية فقط لها مدخلية في الصحة، سيما على القول بأن ألفاظ العبادات اسم للصحيح، أو لم يعلم أنه له أو للأعم، وشغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية، مع استصحاب حكم الحدث السابق، وينبغي القطع بصحة هذا القول فيما لو كان التشريع في أصل النية، بأن يكون قد نوى التقرب بوضوء مشتمل على ثلاث غسلات، لأنه نوى القربة بما ليس مقربا، والمقرب الحقيقي لم ينوه، بل الظاهر حصول البطلان في نحو الفرض وإن لم يفعل الفعل المشرع به، أما لو لم يأخذه بالنية إما بأن يكون نوى القربة بالوضوء الحقيقي لكنه قصد التشريع في الأثناء، أو أنه نوى القربة بالوضوء الواقعي وكان يزعم أن المشتمل على الثلاث من جملته فالظاهر عدم حصول البطلان، لكونه نهيا عن شئ خارج عن العبادة، وبطلان الصلاة بنحو ذلك دليل خاص من إجماع أو غيره أو لكون الظاهر من الأدلة أنها هيئة اجتماعية مترتبة تقدح فيها الزيادة والنقيصة، بخلاف الوضوء كما يظهر من الاجماع على عدم البطلان فيما لو كرر المسح مشرعا أو خالف الترتيب ولما يحصل