العلل - أحمد بن حنبل - ج ١ - الصفحة ١٢
وأصحر وأنجد وأتهم. ودخل الاسلام في الوبر والمدر. ولكن الفتنة لم تنم بل حفرت لنفسها مدخلا في حصن الاسلام باضت فيه وأفرخت، تطير أفراخها هنا وهناك وتبني أعشاشها في عواصم الاسلام ومدنها، يغذيها أشر خلق الله. اليهود السبائية فتقول المفسدون على ذي النورين أكاذيب ونسجوا حوله الأباطيل، جرأهم على ذلك حلمه وكرم طبعه، فذبحوه في بيته وهو يتلو كتاب الله كما تذبح الحملان. استشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ورحمه في دار الرسول ومدينته وانتهكت حرمات الخلافة بأبشع صورة، وقامت الفتنة كاسية عارية على قدم وساق ورفع رأسه الاختلاف والشقاق، وعميت المعالم على بعض الأفاضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم تعد وحده المسلمين منذ ودعتهم في ذلك اليوم الفاتن المفتون.
وفي هذا الجو الخانق المظلم يقوم بأمر الخلافة ربيب النبوة وبطل الجهاد ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأي أمر يقوم به هذا الخليفة راشد؟ بايعه المسلمون وهم متفرقون فرقة تزداد فجواتها كل يوم إذا سد منها فجوة انفتحت أمامه فجوات. حمل ناس من المسلمين السيف في وجهه وقاتله جمع من الأفاضل لا ينكر هو فضلهم، وتشقق المجتمع الاسلامي عن أقسى طوائف الفرق الخوارج الذين حاربوه حربا شعواء، وحاربه في الجانب الاخر إخوة له في الاسلام لم ينكر إسلامهم ولكنه قال عنهم: هم اخوتنا بغوا علينا.
ونشأت فرقة أخرى من أولاد سبأ وأفراخه الشيعة الذين ادعوا حبه وغلوا فيه حتى ألهوه، أظهروا الحب لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشاعوا في الناس أنهم مظلومون ظلمهم الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان، فجعلوا ديدنهم سب الصحابة وتكفيرهم.
وتآمر أعداء الاسلام فاستشهد علي رضي الله عنه بيد آثمة بعد ما قضى
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»