تاريخ ابن معين ، الدوري - يحيى بن معين - ج ٢ - الصفحة ٣٧٤
السابقين الأولين خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله فجندوا الأجناد واجتمع إليهم الناس وأظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة رسوله ولم يكتموهم شيئا علموه فكان في كل جند منهم طائفة يعملون بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يكتموهم شيئا علموه ويجتهدون رأيهم فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة ويقومهم عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارهم المسلمون لأنفسهم ولم يكن أولئك الثلاثة مضيعين لأجنادهم ولا غافلين عنهم بل كانوا يكتبون في الامر اليسير لإقامة الدين والحذر من الخلاف لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلم يتركوا أمرا فسره القرآن أو عمل به النبي صلى الله عليه وسلم أو ائتمروا فيه الا علموهموه فإذا جاء أمر عمل به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر والشام والعراق على عهد أبي بكر وعمر وعثمان لم يزالوا عليه حتى قبضوا لم يأمروهم بغيره فلا نراه يجوز لأجناد المسلمين أن يحدثوا اليوم أمرا لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم حين ذهب أكثر العلماء وبقى منهم من لا يشبه من مضى مع أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا بعده في الفتيا في أشياء كثيرة لولا أني عرفت أن قد علمتها كتبت إليكم بها ثم اختلف التابعون في أشياء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سعيد بن المسيب ونظراؤه أشد الاختلاف ثم اختلف الذين كانوا بعدهم حضرناهم بالمدينة وغيرها ورأيتهم يومئذ في الفتيا بن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن رحمة الله عليهما فكان من خلاف ربيعة تجاوز الله عنه لبعض ما مضى وحضرت وسمعت قولك فيه وقول ذوي السن من أهل المدينة يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وكثير بن فرقد وغير كثير ممن هو أسن منه حتى اضطرك ما كرهت من ذلك إلى فراق مجلسه وذاكرتك أنت وعبد العزيز بن عبد الله بعض ما نعيب على ربيعة من ذلك فكنتما موافقين فيما أنكرت تكرهان منه ما أكره ومع ذلك بحمد الله عند ربيعة خير كثير وعقل أصيل ولسان بليغ وفضل مستبين وطريقة حسنة في الاسلام ومودة صادقة لاخوانه عامة ولنا خاصة رحمه الله وغفر له وجزاه بأحسن عمله
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست