جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٦
يضرب لكل مكروه غير مرضي (1).
هذا مجموع ما عثرنا عليه من موارد استعمال عبارة "... من جراب النورة " في التراث.
زاي - المناسبة اللغوية بين المعنى الحقيقي والمجازي:
وقد تلخص أن العبارة المذكورة استخدمت للدلالة على أن الحكم المنقول أو الرأي المطروح مخالف للواقع، وإنما ذكر لغرض التخلص عندما يكون المتكلم في مأزق يهدده بالخطر، وبنفس هذا المعنى استعمل في موارده من الحديث الشريف، وفي لسان المحدثين والفقهاء واللغويين، كما فسروه ووجهوه وطبقوه، وقد أصبح بهذا المعنى مثلا يضرب، ويقال.
ومن خلال ما ذكرنا في أصل استعمال هذا المثل يمكننا أن نرى المناسبة بين المعنى الاصطلاحي في هذا وهو التقية، وبين المعنى الحقيقي الموضوعة له الكلمة.
وقد يقال: إن العلقة بينهما، هو اشتراكهما في معنى " التغطية ".
أما كون التقية للتغطية، فلأن الوارد للتقية، إنما يغطى به على المعنى الحق، بغرض الإخفاء على الأعداء، وعدم معرفتهم لهوية الشخص.
وأما كون النورة للتغطية، فلأنها تغير ظاهر الشئ من حالة إلى أخرى، وتصفي ظاهره، و " نوره " بمعنى طلاه بالنورة.
وهذا المعنى في (النورة) تسرب إلى الفعل " نور " على فلان " ينور " إذا شبه عليه أمرا، ذكره الخليل في (العين) (2).
فيكون " أعطى من جراب النورة " بمعنى شبه عليه وطلى عليه ولبس، كما في المطلى بالذهب، وهو ما يفعله صاحب التقية.

(١) مجمع البحرين ٣ / 506 طبع النجف، و 4 / 391 طبعة قم الحديثة مادة (نور).
(2) العين (نور).
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»