البحث في الحقيقة إلى أن الإتيان بفرد من المأمور به بالأثر الواقعي مجز أم لا. وقد عرفت في المقام الأول - بما لعله لا مزيد عليه - حديث الإجزاء على القول بوحدة الأمر، فتدبر.
وأما إن قلنا هنا بتعدد الأمر؛ بأن تعلق أحدهما بنفس طبيعة الصلاة مع الطهارة المائية - مثلا - وأمر آخر بالصلاة مع الطهارة الترابية، فللبحث عن إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الواقعي مجال واسع.
فنقول: إن المطلوبين كالأمرين مستقلان في المطلوبية أو لا يكون كذلك، فإن لم يكن المطلوب الثاني مطلوب آخر، بل ذكر لضيق البيان لبيان حدود المطلوب الأول، كما إذا فرضنا أن القيود الجائية من قبيل الآمر، كقصد الأمر - مثلا لا يمكن إيجابه على المكلف بأمر واحد، ولكن يمكن ذلك بأمرين، وظاهر أن الأمر الثاني إنما جيء به لتحديد حدود المأمور به بالأمر الأولي، من دون أن يكون له استقلالية ومطلوبية، دل الذي تعلق به المصلحة هو المأمور به الأولي، والتوصل إلى الأمر لامتناع أخذ القيود الكذائية في متعلق أمره.
ومن هذا القبيل لو قلنا في الأجزاء والشرائط والموانع بأنه لا يمكن أن يأمر بطبيعة ثم ينتزع منه الجزئية والشرطية والمانعية، بل لابد في جعل تلك الأمور من التوصل إلى أمر آخر. فالأمر الثاني لإثبات الجزئية أو الشرطية أو المانعية لبيان حدود المأمور به بالأمر الأولي.
وبالجملة: أن الأمر الثاني في مثل تلك الأمور جيء به لضيق البيان، فلم تكن لإفادة مطلوب مستقل، بل لإفادة خصوصيات الأمر الأول وبيان ما له دخل في الغرض، فهذا في الحقيقة يرجع إلى الأمر الأول؛ وهو كون الأمر والمأمور واحدا.
فمقتضى القاعدة على هذا تقتضي الإجزاء، كما عرفت أن مقتضى القاعدة في صورة كون الأمر والمأمور واحدا الإجزاء.