الأصول المهذبة (المعروف بخلاصة الأصول) - المجتهد التبريزي - الصفحة ٤٨
في جميع ما ذكر ولا حاجة لنا إلى التطويل المبحث الرابع في أن العام المخصص حجة في ما بقي لا ريب أن الحجية في الدلائل اللفظية ليست باعتبار كونها منصوصة من المعصوم وإن كان لو نص لكان حجة بل باعتبار حصول البيان بمقتضى الفطرة الارتكازية التي أودعها في الانسان معلم البيان كما سبق في أول الكتاب فكل دليل لفظي كان محل النزاع بين علماء الاعلام فالمرجع في تنقيح الدلائل وتهذيب المباني هو الذي مر إليه الإشارة غير مرة فنقول إن قلت لولدك الصغير أو خادمك اشتر اللحم أو الخبز أو الفاكهة أو ما أردت من كل أحد إلا الفلاني وخصصت واحدا من الكسبة لا شك في أنه بمقتضى فطرته السلمية يشتري ما تريد من كل أحد إلا ممن خصصته وكذا إذا قلت أكرم العلماء إلا من كان معينا للظالم فهو يرى بمقتضى فطرته أن وظيفته الاكرام لكل العلماء إلا من خصصته وكذا إذا قلت أكرم العلماء من دون استثناء ثم قلت بعد يوم أو يومين ولا تكرم من العلماء من كان معينا للظالم يحكم وجدانه أن وظيفته الاكرام لجميع العلماء إلا من خصصته بمخصص منفصل فالفطرة السليمة تحكم بأن العام المخصص حجة فيما بقي وما قالوا في مقابل الارتكازيات التي هي من نعم الله تعالى من أن التخصيص قرينة على إرادة التجوز من العام ومراتب التجوز متعددة مختلفة وليس في التخصيص قرينة على واحدة منها فلا يكون العام المخصص حجة فيما بقي غفلة عن الفطرة التي فطر الناس عليها وبها تمت الحجة وعظمت النعمة ولا حاجة لنا إلى
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»