الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٢٤٤
على العلم بقول الجميع كان دورا ولا خفاء في أن الاعتراض المذكور إنما يناسب الوجه الأول وما أجاب به الفاضل المذكور لو تم فإنما ينهض بدفع الوجه الثاني كما يشهد به جعله من باب كبرى الشكل الأول دون الوجه الأول إذ لا مدخل لاعتبار الاجمال في دفعه إذ للمعترض أن يقول ليس العلم الاجمالي بقول جميع الأمة هو الحجة لان حجيته باعتبار المعلوم فهو في الحقيقة علم إجمالي بالحجة وبما ليس حجة وذلك لا يقتضي أن يكون ما ليس بحجة حجة بل الحجة هو قول المعصوم المعلوم في ضمن العلم الاجمالي بقول الكل وما عداه ليس بحجة فلا يكون الاجماع حجة لان المركب من الداخل والخارج خارج ومع ذلك فقضية كلامه أن الاجماع المعتبر من الأدلة على البيان المذكور هو العلم باتفاق الكل إجمالا وهو غير مستقيم طردا و عكسا إذ قد يعلم قول الجميع على التفصيل ويكون مع ذلك إجماعا وحجة كما في صورة كشف قول المجمعين عن قول المعصوم فيصح ضم الكاشف إلى المستكشف عنه ووصف المجموع بالحجية وقد يعلم قول الكل إجمالا ولا يكون حجة كما إذا استند الاجمال إلى التفصيل في غير صورة كشف قول المعصوم عن قوله للزوم الدور حينئذ أو استند إلى أمر واحد فلا بد هناك من تفصيل و توضيح المقام وتنقيح المرام أن العلم بالاتفاق ليس من العلوم الأولية التي يكفي في حصولها مجرد تصورها بل لا بد له من منشأ يستند إليه وما يصلح أن يكون سببا لحصوله أمور الأول استقصاء أقوال جميع الأمة على التفصيل بحيث يعلم إطباقهم على الحكم و هذا مع تعذره أو تعسره وندرة وقوعه على تقدير إمكانه يتصور على صور منها أن يعرف الامام فيهم بشخصه ووصفه وقوله وحينئذ فالحجة في قوله ولا مدخل لانضمام قول الآخرين إليه أصلا كما ذكره المعترض سواء عرف الباقون بأشخاصهم وأقوالهم وأوصافهم وهو كونهم من أهل الفتوى أو لا وقد نبه على هذا صاحب المعالم حيث قال وفائدة الاجماع تعدم عندنا إذا علم الإمام بعينه انتهى والتحقيق أنه لا يسمى إجماعا عندنا لان الاجماع عند الفريقين معدود من أدلة الاحكام وليس في مثل هذا الاتفاق على طريقتنا دلالة على الحكم أصلا وإطلاق صاحب المعالم عليه الاجماع في العبارة المنقولة عنه إن كان باعتبار معناه اللغوي أو المصطلح عليه عند العامة فلا كلام وإلا ورد عليه ما ذكرناه وقد نبهنا على ذلك في الحد فتدبر ومنها أن يعلم قول الإمام فيهم بعينه من دون نظر إلى الأقوال الاخر [أقوال الآخرين] سواء اتحدت لفظا أو اختلفت لكن مع عدم العلم بشخص الامام أو بوصفه وهذا إنما يتصور إذا علم المتتبع أن الذي أفتاه في وقت معين أو مكان معين هو الامام لكن جهل شخصه بين الأشخاص أو عرف الأشخاص لكن جهل الموصوف منهم بالإمامة أو عرف صوت المعصوم أو خطه بمعجزة أو بإخبار صادق ولم يعلم بشخصه أو وصفه والكلام هنا كالكلام في الصورة السابقة إذ حيث يعلم قول الإمام بعينه فالحجة فيه ولا مدخل لانضمام قول الآخرين إليه ومن هنا يتبين [تبين] أنه لو قال صاحب المعالم فيما مر إذا علم قول الإمام بعينه بدل قوله إذا علم الإمام بعينه كان أشمل وأولى ومنها أن يعلم الامام بشخصه ووصفه مع عدم العلم بشخص قوله كما إذا كانت هناك أقوال مختلفة اللفظ متحدة المفاد بحيث يعلم أن أحدها قوله فيمكن القول حينئذ بتحقق الاجماع وفائدته من حيث توقف العلم بقول الامام ورأيه على العلم بأقوال الجميع وتوافق آرائهم و على هذا يتجه مؤاخذة على عبارة صاحب المعالم حيث أطلق فيها القول بانتفاء فائدة الاجماع مع العلم بشخصه ولم يقيده بصورة العلم بشخص قوله أيضا ويمكن دفعه بأن معرفة رأي الامام حينئذ لا يتوقف على معرفة آراء الآخرين بل على معرفة نفس الأقوال وتوافقها في المعنى إذ عدم تعيين قوله من بين أقوال لها قائل كعدم تعيينه بين أقوال لا قائل لها فكما أن ثبوت الحكم في الثاني مستند إلى العلم بصدور أحد تلك الأقوال منه لا إلى موافقة غيره له فكذلك في الأول فإن قلت يمكن الفرق بأنه يمكن التوصل إلى قوله في الأول بكل من الطريقين بخلاف الثاني والتعيين تحكم فلا يبعد أن يعد إجماعا إن اعتبر التوصل من حيث الاتفاق قلت معرفة آراء كل واحد من المجمعين في الفرض المذكور يتوقف على العلم بصدور أحد تلك الألفاظ عنه وحيث إن الفرض علمه بدخوله عليه السلام فيهم فلا بد أن يحصل له العلم بقول الامام قبل اعتبار الاتفاق فلا يكون الاتفاق دليلا عليه و منها أن يعلم بدخول الامام في المتفقين مع جهل شخصه وشخص قوله المعلوم دخوله في الأقوال من جهة العلم بدخوله فيهم سواء اتحدت الأقوال لفظا أو اختلفت لكن مع توافقها في المفاد وهذا يتصور إذا جهله المتتبع لعدم سبق تعيين أو لطريان مانع هناك كالظلمة أو مع جهل وصف الإمامة في كل واحد مع العلم بثبوتها في أحدهم كما لو اتفق بعد وفاة الامام السابق وقبل تعيين الحجة بعده عند المتتبع و بالجملة موضع الفرض ما إذا علم اتفاق الكل على حكم بلفظ واحد أو بألفاظ مختلفة وعلم بأن الامام أحدهم من غير تعيين له ولا لقوله كما مر فالحق أن الاتفاق هنا إجماع لأنه كاشف عن قول المعصوم و موصل إليه بدليل أنه لو انتفي العلم بقول غيره لانتفي العلم بقوله فيكون حجة إذ لا نعني بالحجة إلا ما هو الكاشف عن الحكم والمثبت له سواء كان كاشفا عنه بالذات أو بالواسطة فكما أن قول المعصوم حجة لأنه كاشف عن مراده ومراده حجة لأنه كاشف عن قول النبي صلى الله عليه وآله وهو كاشف عن قوله تعالى فكذلك ما كشف عن لفظه الكاشف عن مراده بل إذا صح تسمية الخبر الواحد حجة نظرا إلى أنه كاشف عن قول المعصوم كشفا ظنيا فتسمية الاتفاق الكاشف عن قوله كشفا قطعيا أولى ولا يتوجه على هذه الصورة شئ من الاشكالين أما الأول فلان اعتبار قول غير الامام حينئذ لا يكون لغوا كيف وهو الطريق الموصل إلى قوله وأما وصفه بالحجية فلما عرفت من أن العبرة في صدق عنوان الحجة والدليل على شئ بكونه كاشفا عن الحكم ولو بالواسطة وقد بينا أن الاتفاق المذكور كاشف عن الحكم بواسطة كشفه عن قول الإمام وأما الثاني فلان العلم
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»