ثبت ان القرآن أقوى في باب الدلالة من السنة على الاحكام، فإذا كان أقوى منها جاز نسخها (به كما جاز نسخها بالسنة) (١) التي هي دونها في القول.
ومن ذهب إلى المنع من جواز نسخ القران بالسنة، وأجاز نسخ السنة بالقران يقول: لم امنع من ذلك من حيث التساوي في باب الدلالة، بل امتنعت من ذلك للآيات التي دلت على المنع من ذلك، والا كان ذلك جائزا، وان كان بعضه أدون من بعض كما إذا كانا متساويين في باب الدلالة.
ومن ذهب إلى الجواز في الموضعين كانت هذه الشبهة عنه ساقطة.
فان قالوا: ان الله تعالى لو نسخ سنة نبيه عليه السلام باية ينزلها، لأمر نبيه بأن يبين سنة ثانية ينسخ بها سنة الأولى لئلا يلتبس النسخ بالبيان.
قيل له: ان الآية لا تخلو من أن تدل بظاهرها على نسخ السنة أو لا تدل بظاهرها على ذلك:
فان دل على ذلك، فالنسخ بها يقع والسنة تكون مؤكدة.
وان لم يدل الا ببيان السنة جاز القول بالسنة، فان السنة (٢) تنسخ من حيث كانت بها يعلم نسخ السنة الأولى.
وإذا صح ذلك فما الذي يحوج إلى بيان سنة ثانية، والآية دالة بظاهرها على نسخ السنة الأولى، وكيف يلتبس ذلك بالبيان؟ ومن حق البيان أن يكون بيانا لما لا يعرف المراد به بظاهره، والنسخ بالضد منه، ومن حق الدليل أن لا يتأخر عن المبين، والنسخ مخالف له.
واما قوله: ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ (3) لا يمنع من أن ينسخ سنته بالقران، ولأنه ليس في نسخها به اخراج لها من أن يكون قد بين ما أريد بها، وانما يبنى النسخ