تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٣
وروى الترمذي وقال: حسن غريب عن ابن إسحاق بالسند إلى سلمة المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المظاهر يواقع قبل أن يكفر: " كفارة واحدة تلزمه " ويرد به على مجاهد في قوله: يلزمه كفارة أخرى، ونقل هذا عن عمرو بن العاص. وقبيصة. وسعيد بن جبير. والزهري. وقتادة، وعلى من قال تلزمه ثلاث كفارات، ونقل ذلك عن الحسن. والنخعي، وبه. وبما تقدم يرد على ما قيل: من أنه تسقط الكفارة الواجبة عليه ولا يلزمه شيء ولا ترتفع حرمة المسيس إلا بها لا بملك ولا بزوج ثان حتى لو طلقها من بعد الظهار ثلاثا فعادت إليه من بعد زوج آخر أو كانت أمة فملكها بعد ما ظاهر منها لا يحل قربانها حتى يكفر، وهو واجب على التراخي - على الصحيح - لكون الأمر الدالة عليه الآية مطلقا حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الامكان، ويكون مؤديا لا قاضيا، ويتعين في آخر عمره، ويأثم بموته قبل الأداء، ولا تؤخذ من تركته إن لم يوص ولو تبرع الورثة في الإعتاق، وكذا في الصوم لا يجوز - كذا في " البدائع " - فإن أوصى كان من الثلث، وفي التاتارخانية لو كان مريد التكفير مريضا فأعتق عبده عن كفارته وهو لا يخرج من ثلث ماله فمات من ذلك المرض لا يجوز عن كفارته وإن أجازت الورثة، ولو أنه برىء من مرضه جاز، وللمرأة مطالبته بالوطء والتكفير؛ وعليها أن تمنعه من الاستمتاع بها حتى يكفر، وعلى القاضي أن يجبره على التكفير دفعا للضرر عنها بحبس فإن أبى ضربه؛ ولو قال: قد كفرت صدق ما لم يكن معروفا عند الناس بالكذب.
هذا وبقيت مسائل أخر مذكورة في كتب الفقه * (ذلكم) * الإشارة إلى الحكم بالكفارة والخطاب للمؤمنين الموجودين عند النزول أو لهم ولغيرهم من الأمة * (توعظون به) * أي تزجرون به عن ارتكاب المنكر، فإن الغرامات مزاجر عن تعاطي الجنايات، والمراد بيان أن المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعريضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذي هو علم في استتباع الثواب العظيم بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه كذا في " الإرشاد "، وهو ظاهر في كون الكفارة عقوبة محضة، وقد تقدم القول بأنها دائرة بين العبادة والعقوبة، وكلام الزيلعي يدل على أن جهة العبادة فيها أغلب، وفي شرح منهاج النووي لابن حجر في كتاب كفارة الظهار الكفارة من الكفر وهو الستر لسترها الذنب بمحوه أو تخفيف إثمه بناءا على أن الكفارات زواجر كالتعازير أو جوابر للخلل، ورجح ابن عبد السلام الثاني لأنها عبادة لافتقارها للنية أي فهي كسجود السهو.
والفرق بينها - على الثاني - وبين الدفن الكفارة للبص على ما هو المقرر فيه أنه يقطع دوام الإثم أن الدفن مزيل لعين ما به المعصية فلم يبق بعده شيء يدوم إثمه بخلافها هنا فإنها ليست كذلك، وعلى الأول الممحو هو حق الله تعالى من حيث هو حقه، وأما بالنظر لنحو الفسق بموجبها فلا بد فيه من التوبة نظير نحو الحد انتهى.
ومتى قيل: بأن الإعتاق المذكور كفارة وأن الكفارة تستر الذنب بمحوه أو تخفيف إثمه لم يكن بد من استتباعه الثواب وكون ذلك لا يعد ثوابا لا يخلو عن نظر؛ ولعل المراد أن المقصود الأعظم من شرع هذا الحكم الردع والزجر عن مباشرة ما يوجبه دون التعريض للثواب، وإن تضمنه في الجملة فتأمل * (والله بما تعملون) * من الأعمال كالتفكير وما يوجبه من جناية الظهار * (خبير) * أي عالم بظواهرها وبواطنها ومجازيكم بها فحافظوا على حدود ما شرع لكم ولا تخلو بشيء منها.
* (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتمآسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللك‍افرين عذاب أليم) *.
* (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا) *
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»