تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٢
وهو القتل ثبوت مثله فيما هو أخف منه ليكون التقييد فيه بيانا في المطلق، وما ذكروه من الجامع لا يكفي، ووافقوا في كثير مما عدا ذلك، وخالفوا أيضا في كثير فقالوا: يشترط في الرقبة أن تكون بلا عيب يخل بالعمل والكسب فيجزىء صغير ولو عقب ولادته. وأقرع. وأعرج يمكنه من غير مشقة لا تحتمل عادة تتابع المشي. وأعور لم يضعف نظر سليمته حتى أخل بالعمل إخلالا بينا. وأصم. وأخرس يفهم إشارة غيره ويفهم غيره إشارته مما يحتاج إليه. وأخشم. وفاقد أنفه. وأذنيه. وأصابع رجليه. وأسنانه. وعنين. ومجبوب. ورتقاء. وقرناء. وأبرص. ومجذوم. وضعيف بطش. ومن لا يحسن صنعة. وولد زنا. وأحمق - وهو من يضع الشيء في غير محله مع علمه بقبحه - وآبق. ومغصوب. وغائب علمت حياته أو بانت وإن جهلت حالة العتق لازمن. وجنين وإن انفصل لدون ستة أشهر من الإعتاق. أو فاقد يد. أو رجل. أو أشل أحدهما. أو فاقد خنصر وبنصر معا من يد. أو أنملتين من غيرهما. أو أنملة إبهام - كما قال النووي عليه الرحمة - ولا هرم عاجز؛ ولا من هو في أكثر وقته مجنون ولا مريض لا يرجى عند العتق برء مرضه - كسلال - فإن برأ بعد إعتاقه بأن الإجزاء في الأصح. ولا من قدم لقتل بخلاف من تحتم قتله في المحاربة قبل الرفع للإمام، ولا يجزى شراء أو تملك قريب أصل أو فرع بنية كفارة ولا عتق أم ولد ولا ذو كتابة صحيحة قبل تعجيزه، ويجزى مدبر ومعلق عتقه بصفة غير التدبير، وقالوا: لو أعتق معسر نصفين له من عبدين عن كفارة فالأصح الإجزاء إن كان باقيهما أو باقي أحدهما حرا إلى غير ذلك.
وفي الإتيان بالفاء في قوله تعالى: * (فتحرير) * الخ دلالة على ما قال بعض الأجلة: على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار، فإذا كان له زوجتان مثلا فظاهر من كل منهما على حدة لزمه كفارتان.
وفي التلويح لو ظاهر من امرأته مرتين أو ثلاثا في مجلس واحد أو مجالس متفرقة لزمه بكل ظهار كفارة، وفي إطلاقه بحث، فقد ذكر بعضهم أنه لو قصد التأكيد في المجلس الواحد لم تتعدد، وفي شرح الوجيز للغزالي ما محصله: لو قال لأربع زوجات: أنتن علي كظهر أمي فإن كان دفعة واحدة ففيه قولان، وإن كان بأربع كلمات فأربع كفارات، ولو كررها - والمرأة واحدة - فإما أن يأتي بها متوالية أولا، فعلى الأول: إن قصد التأكيد فواحدة وإلا ففيه قولان: القديم - وبه قال أحمد - واحدة كما لو كرر اليمين على شيء واحد، والقول الجديد التعدد - وبه قال أبو حنيفة. ومالك - وإذا لم تتوال أو قصد بكل واحدة ظهارا أو أطلق ولم ينو التأكيد فكل مرة ظهار برأسه، وفيه قول: إنه لا يكون الثاني ظهارا إن لم يكفر عن الأول، وإن قال: أردت إعادة الأول ففيه اختلاف بناءا على أن الغالب في الظهار أن معنى الطلاق أو اليمين لما فيه من الشبهين انتهى.
وظاهر بعض عبارات أصحابنا أنه لو قيد الظهار بعدد اعتبر ذلك العدد؛ ففي التتارخانية لو قال لأجنبية: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة فعليه - أي إذا تزوجها - لكل كفارة، وتدل الآية على أن الكفارة المذكورة قبل المسيس فإن مس أثم ولا يعاود حتى يكفر، فقد روى أصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس أن رجلا - وهو سلمة بن صخر الأنصاري كما في حديث أبي داود. والترمذي. وغيرهما - ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فقال صلى الله عليه وسلم: " ما حملك على ذلك؟! فقال: رأيت خلخالها في ضوء القمر - وفي لفظ بياض ساقها - قال عليه الصلاة والسلام: فاعتزلها حتى تكفر " ولفظ ابن ماجه " فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن لا يقربها حتى يكفر " قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، ونفى كونه صحيحا رده المنذري في مختصره بأنه صححه الترمذي ورجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»