تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٦
غيره من الكتب، وجاء في وصف هذه الأمة صدورهم أناجيلهم، وكون ضمير هو للقرآن هو الظاهر، ويؤيده قراءة عبد الله * (بل هي ءايات بينات) *، وقال قتادة: الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم وقرأ * (بل هو آية بينة) * على التوحيد، وجعله بعضهم له عليه الصلاة والسلام على قراءة الجمع على معنى بل النبي وأموره آيات، وقيل: الضمير لما يفهم من النفي السابق أي كونه لا يقرأ لا يخط آيات بينات في صدور العلماء من أهل الكتاب لأن ذلك نعت النبي عليه الصلاة والسلام في كتابهم، والكل كما ترى، وفي الأخير حمل * (الذين أوتوا العلم) * على علماء أهل الكتاب وهو مروى عن الضحاك. والأكثرون على أنهم علماء الصحابة أو النبي صلى الله عليه وسلم وعلماء أصحابه، وروي هذا عن الحسن. وروي بعض الإمامية عن أبي جعفر. وأبي عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنهم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم * (وما يجحد بآياتنا) * مع كونها كما ذكر * (إلا الظالمون) * المتجاوزون للحد في الشر والمكابرة والفساد.
* (وقالوا لولا أنزل عليه ءاي‍ات من ربه قل إنما الاي‍ات عند الله وإنمآ أنا نذير مبين) *.
* (وقالوا) * أي كفار قريش بتعليم بعض أهل الكتاب.
وقيل: الضمير لأهل الكتاب * (لولا أنزل عليه ءايات من ربه) * مثل ناقة صالح وعصا موسى، وقرأ أكثر أهل الكوفة * (ءاية) * على التوحيد * (قل إنما الآيات عند الله) * ينزلها حسبما يشاء من غير دخل لأحد في ذلك قطعا * (وإنما أنا نذير مبين) * ليس من شأني إلا الإنذار بما أوتيت من الآيات لا الاتيان بما اقترحتموه فالقصر قصر قلب.
* (أولم يكفهم أنآ أنزلنا عليك الكت‍ابيتلى عليهم إن فى ذالك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون) *.
* (أو لم يكفهم) * كلام مستأنف وارد من جهته تعالى ردا على اقتراحهم وبيانا لبطلانه والهمزة للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أقصر ولم يكفهم ءاية مغنية عن سائر الآيات * (أنا أنزلنا) * * (عليك الكتاب) * الناطق بالحق المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية وأنت بمعزل من مدارستها وممارستها * (يتلى عليهم) * تدوم تلاوته عليهم متحدين به فلا يزال معهم ءاية ثابتة لا تزول ولا تضمحل كما تزول كل ءاية بعد كونها، وقيل: * (يتلى عليهم) * أي أهل الكتاب بتحقق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك، وله وجه ان كان ضمير قالوا فيما تقدم لأهل الكتاب وأما إذا كان لكفار قريش فلا يخفى ما فيه.
* (إن في ذالك) * أي الكتاب العظيم الشأن الباقي على ممر الدهور، وقيل: الذي هو حجة بينة * (لرحمة) * أي نعمة عظيمة * (وذكرى) * أي تذكرة * (لقوم يؤمنون) * أي همهم الإيمان لا التعنت فالجار والمجرور متعلق بذكرى والفعل مراد به الاستقبال، ويجوز أن يكون * (رحمة وذكر) * مما تنازعا في الجار والمجرور فيجوز أن يكون الفعل للحال، وأخرج الفريابي. والدارمي. وأبو داود في مراسيله. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. عن يحيى بن جعدة قال: " جاء ناس من المسلمين بكتف قد كتبوا فيها بعض ما سمعوه من اليهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم فنزلت: * (أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب) * الآية " وأخرج الإسماعيلي في معجمه. وابن مردويه عن يحيى هذا ما هو قريب مما ذكر مرويا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
و * (يؤمنون) * على هذا على ظاهره لا غير، وتعقب بأن السياق والسياق مع الكفرة وان الظاهر كون * (أو لم يكفهم) * الآية جوابا لقولهم: * (لولا أنزل) * الخ، وفي جعل سبب النزول ما ذكر خروج عن ذلك فتأمل.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»