تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٣
عليه السلام. وكان ذلك على ما روي عن ابن عباس بعد أن عقروا الناقة أنذرهم بالعذاب، وقوله: * (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) * (هود: 65) الخ * (تقاسموا بالله) * أمر من التقاسم أي التحالف وقع مقول القول وهو قول الجمهور.
وجوز أن يكون فعلا ماضيا بدلا من * (قالوا) * أو حالا من فاعله بتقدير قد أو بدونها أي قالوا متقاسمين ومقول القول * (لنبيتنه وأهله) * الخ، وجوز أبو حيان على هذا أن يكون بالله من جملة المقول. والبيات مباغتة العدو مفاجأته بالإيقاع به ليلا وهو غافل. وأراد واقتله عليه السلام وأهله ليلا وهم غافلون. وعن الاسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال: ليس من آيين الملوك استراق الظفر.
وقرأ ابن أبي ليلى * (تقسموا) * بغير ألف وتشديد السين، والمعنى كما في قراءة الجمهور. وقرأ الحسن. وحمزة. والكسائي * (لتبيتنه) * بالتاء على خطاب بعضهم لبعض. وقرأ مجاهد. وابن وثاب. وطلحة. والأعمش * (ليبيتنه) * بياء الغيبة. و * (تقاسموا) * على هذه القراءة لا يصح إلا أن يكون خبرا بخلافه عنالقراءتين الأوليين فإنه يصح أن يكون خبرا كما يصح أن يكون أمرا. وذلك لأن الأمر خطاب والمقسم عليه بعده لو نظر إلى الخطاب وجب تاءالخطاب ولو نظر إلى صيغة قولهم عند الحلف وجب النون فأما ياء الغائب فلا وجه له. وإما إذا جعل خبرا فهو على الغائب كما تقول حلف ليفعلن * (ثم لنقولن لوليه) * أي لولي صالح. والمراد به طالب ثاره من ذوي قرابته إذا قتل. وقرأ * (لتقولن) * بالتار من قرأ * (لتبيتنه) * كذلك. وقرأ * (ليقولن) * بياء الغيبة من قرأ بها فيما تقدم. وقرأ حميد بن قيس الأول بياء الغيبة وهذا بالنون. قيل: والمعنى على ذلك قالوا متقاسمين بالله ليبيتنه قوم مناثم لنقولن جميعنا لوليه * (ما شهدنا مهلك أهله) * أي ما حضرنا هلاكهم على أن * (مهلك) * مصدر كمرجع أو مكان هلاكهم على أنه للمكان أو زمان هلاكهم على أنه للزمان. والمراد نفي شهود الهلاك الواقع فيه. واختاروا نفي شهود مهلك أهله على نفي قتلهم إياهم قصدا للمبالغة كأنهم قالوا ما شهدنا ذلك فضلا عن أن نتولى إهلاكهم. ويعلم من ذلك نفي قتلهم صالحا عليه السلام أيضا لأن من لم يقتل اتباعه كيف يقتله، وقيل في الكلام حذف أي ما شهدنا مهلك أهله ومهلكه، واستظهره أبو حيان ثم قال وحذف مثل هذا المعطوف جائز في الفصيح كقوله تعالى: * (سرابيل تقيكم الحر) * (النحل: 81) أي والبرد وقال الشاعر: فما كان بين الخير لو جاء سالما * أبو حجر الا ليال قلائل أي بين الخير وبيني اه‍ وفيه ما لا يخفى. وقيل: الضمير في * (أهله) * يعود على الولي. والمراد بأهل الولي صالح وأهله. واعترض بأنه لو أريد أهل الولي لقيل أهلك أو أهله. ومنع بأن ذلك غير لازم. فقد قرىء * (قل للذين كفروا ستغلبون) * بالخطاب والغيبة ووجه ذلك ظاهر. نعم رجوع الضمير إلى الولي خلاف الظاهر كما لا يخفى. وقرأ الجمهور * (مهلك) * بضم الميم وفتح اللام من أهلك وفيه الاحتمالات الثلاث. وقرأ أبو بكر * (مهلك) * بفتحهما على أنه مصدر * (وإنا لصادقون) * عطف على * (ما شهدنا) * كما ذهب إليه الزجاج. والمعنى ونخلف وإنا لصادقون. وجوز أن تكون الواو للحال أي والحال إنا لصادقون فيما ذكرنا واستشكل ادعاؤهم الصدق في ذلك وهم عقلاء ينفرون عن الكذب ما أمكن. وأجيب بأن حضور الأمر غير مباشرته في العرف لأنه لا يقال لمن قتل رجلاف أنه حضر قتله وإن كان الحضور لازما للمباشرة فحلفوا على المعنى العرفي على العادة في الإيمان وأوهموا الخصم
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 » »»