تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٣٤
237 البقرة ما قبلها من الفعل المجزوم على معنى ما لم يكن منكم مسيس ولا فرض مهر «ومتعوهن» عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي فطلقوهن ومتعوهن والحكمة في إيجاب المتعة جبر إيحاش الطلاق وهي درع وملحفة وخمار على حسب الحال كما يفصح عنه قوله تعالى «على الموسع قدره وعلى المقتر قدره» أي ما يليق بحال كل منهما وقرئ بسكون الدال وهي جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب مبينة لمقدار المتعة بالنظر إلى حال المطلق أيسارا وإقتارا أو حال من فاعل متعوهن بحذف الرابط أي على الموسع منكم الخ أو على جعل الألف واللام عوضا من المضاف إليه عند من يجوزه أي على موسعكم الخ وهذا إذا لم يكن مهر مثلها أقا من ذلك فإن كان أقل فلها الأقل من نصف مهر المثل ومن المتعة ولا ينقص عن خمسة دراهم «متاعا» أي تمتيعا «بالمعروف» أي بالوجه الذي تستحسنه الشريعة والمروءة «حقا» صفة لمتاعا أو مصدر مؤكد أي حق ذلك حقا «على المحسنين» أي الذين يحسنون إلى أنفسهم بالمسارعة إلى الامتثال أو إلى المطلقات بالتمتيع بالمعروف وإنما سموا محسنين اعتبارا للمشاركة وترغيبا وتحريضا «وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن» قبل ذلك «فريضة» أي وإن طلقتموهن من قبل المسيس حال كونكم مسمين لهن فيما سبق أي عند النكاح مهرا على أن الجملة حال من فاعل طلقتموهن ويجوز أن تكون حالا من مفعوله لتحقيق الرابط بالنسبة إليهما ونفس الفرض من المبنى للفاعل أو للمفعول وإن لم يقارن حالة التطليق لكن اتصاف المطلق بالفارضية فيما سبق مما لا ريب في مقارنته لها وكذا الحال في اتصاف المطلقة بكونها مفروضا لها فيما سبق «فنصف ما فرضتم» أي فلهن نصف ماسميتم لهن من المهر أو فالواجب عليكم ذلك وهذا صريح في أن المنفى في الصورة السابقة إنما هو تبعة المهر وقرئ بالنصب أي فأدوا نصف ما فرضتم ولعل تأخير حكم التسمية مع أنها الأصل في العقد والأكثر في الوقوع لما أن الآية الكريمة نزلت في أنصارى تزوج امرأة من بنى حنيفة وكانت مفوضة فطلقها قبل الدخول بها فتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم عند إظهار أن لا شئ له متعها بقلنسوتك «إلا أن يعفون» استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي فلهن نصف المفروض معينا في كل حال إلا حال عفوهن فإنه يسقط ذلك حينئذ بعد وجوبه وظاهر الصيغة في نفسها يحتمل التذكير والتأنيث وإنما الفرق في الاعتبار والتحقيق فإن الواو في الأولى ضمير والنون علامة الرفع وفي الثانية لام الفعل والنون ضمير والفعل مبنى لذلك لم يؤثر فيه أن تأثيره فيما عطف على محلة من قوله تعالى «أو يعفو» بالنصب وقرئ بسكون الواو «الذي بيده عقدة النكاح» أي يترك الزوج المالك لعقدة وحلة ما يعود إليه من نصف المهر الذي ساقه إليها كاملا على ما هو المعتاد تكرما فإن ترك حقه عليها عفو بلا شبهة أو سمى ذلك عفوا في صورة عدم السوق
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271