تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٣٩
ألم تر» تقرير وتعجيب كما سبق قطع عنه للإيذان باستقلاله في التعجب مع أن له مزيد ارتباط بما وسط بينهما من الامر بالقتال «إلى الملإ من بني إسرائيل» الملأ من القوم وجوههم وأشرافهم وهو اسم للجماعة لا واحد له من لفظه كالرهط والقوم سموا بذلك لما أنهم يملئون العيون مهابة والمجالس بهاء أو لأنهم مليئون بما يبتغي منهم ومن تبعيضية ومن في قوله تعالى «من بعد موسى» ابتدائية وعاملها مقدر وقع حالا من الملأ أي كائنين بعض بني إسرائيل من بعد وفاة موسى ولا ضير في اتحاد الحرفين لفظا عند اختلافهما معنى «إذ قالوا» منصوب بمضمر يستدعيه المقام أي ألم تر إلى قصة الملأ أو حديثهم حين قالوا «لنبي لهم» هو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهما السلام وقيل شمعون بن صعبة بن علقمة من ولد لاوي بن يعقوب عليهما السلام وقيل وقيل اشمويل بن بال بن علقمة وهو بالعبرانية إسماعيل قال مقاتل هو من نسل هارون عليه السلام وقال مجاهد اشمويل بن هلقايا «ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله» أي انهض للقتال معنا أميرا نصدر في تدبير امر الحرب عن رأيه وقرئ نقاتل بالرفع على أنه حال مقدرة أي ابعثه لنا مقدرين القتال أو استئناف مبني على السؤال وقرئ يقاتل بالياء مجزوما ومرفوعا على الجواب للأمر والوصف لملكا «قال» استئناف وقع جوابا عن سؤال ينساق اليه الذهن كأنه قيل فماذا قال لهم النبي حينئذ فقيل قال «قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا» فصل بين عسى وخبره بالشرط للاعتناء به أي هل قاربتم ان لا تقاتلوا كما أتوقعه منكم والمراد تقرير ان المتوقع كائن وانما لم يذكر في معرض الشرط ما التمسوه بأن قيل هل عسيتم ان بعثت لكم ملكا الخ مع أنه اظهر تعلقا بكلامهم بل ذكر كتابة القتال عليهم للمبالغة في بيان تخلفهم عنه فإنهم إذا لم يقاتلوا عند فرضية القتال عليهم بإيجاب الله تعالى فلأن لا يقاتلوا عند عدم فرضيته أولى ولأن إيراد ما ذكروه ربما يوهم ان سبب تخلفهم عن القتال هو المبعوث لا نفس القتال وقرئ عسيتم بكسر السين وهي ضعيفة «قالوا» استئناف كما سبق «وما لنا ألا نقاتل» أي أي سبب لنا في ان لا نقاتل «في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا» أي والحال أنه قد عرض لنا ما يوجب القتال ايجابا قويا من الاخراج عن الديار والأوطان والاغتراب من الأهل والأولاد وافراد الأبناء بالذكر لمزيد تقوية أسباب القتال وذلك ان جالوت رأس العمالقة وملكهم وهو جبار من أولاد عمليق بن عاد كان هو ومن معه من العمالقة يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين وظهروا على بني إسرائيل وأخذوا ديارهم وسبوا أولادهم وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271