الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٥٥
نقاتلهم ونبغضهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم * قوله تعالى (وعد الله الذين آمنوا) الآية * أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء في قوله وعد الله الذين آمنوا منكم الآية قال فينا نزلت ونحن في خوف شديد * وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وعبادته وحده لا شريك له سرا وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموا المدينة فأمرهم الله بالقتال وكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح فغيروا بذلك ما شاء الله ثم إن رجلا من أصحابه قال يا رسول الله أبدا الدهر نحن خائفون هكذا أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع فيه السلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن 7 تغيروا الا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في الملا العظيم مجتبيا ليست فيهم جديدة فأنزل الله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض إلى آخر الآية فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فأمنوا ووضعوا السلاح ثم إن الله قبض نبيه فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبى بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا وكفروا النعمة فادخل الله عليهم الخوف الذي كان رفع عنهم واتخذوا الحجر والشرط وغيروا فغير ما بهم * وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن أبي بن كعب قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لا يبيتون الا في السلاح ولا يصبحون الا فيه فقالوا أترون انا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف الا الله فنزلت وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات الآية * وأخرج أحمد وابن مردويه واللفظ له والبيهقي في الدلائل عن أبي بن كعب قال لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات الآية قال بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من تصيب * وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ليستخلفنهم بالياء في الأرض كما استخلف برفع التاء وكسر اللام وليمكنن بالياء مثقلة وليبدلنهم مخففة بالياء * وأخرج عبد بن حميد عن عطية وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض قال أهل بيت ههنا وأشار بيده إلى القبلة * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وليمكنن لهم دينهم الذين ارتضى لهم قال هو الاسلام * وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس يعبدونني لا يشركون بي شيئا قال لا يخافون أحدا غيري * وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن المنذر عن مجاهد يعبدونني لا يشركون بي شيئا قال لا يخافون أحدا غيري ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون قال العاصون * وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ومن كفر بعد ذلك قال كفر بهذه النعمة ليس الكفر بالله * وأخرج ابن مردويه عن أبي الشعثاء قال كنت جالسا مع حذيفة وابن مسعود فقال حذيفة ذهب النفاق انما كان النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما هو اليوم الكفر بعد الايمان فضحك ابن مسعود ثم قال بم تقول قال بهذه الآية وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات إلى آخر الآية * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض قال سابقين في الأرض والله تعالى أعلم * قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم) الآية * أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ابن حيان قال بلغنا أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فقالت أسماء يا رسول الله ما أقبح هذا انه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد كل منهما بغير اذن فأنزل الله في ذلك يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم من العبيد والإماء والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال من أحراركم من الرجال والنساء * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في هذه الآية قال كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم ان يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة فأمرهم الله ان يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات الا باذن * وأخرج ابن مردويه عن ثعلبة القرظي عن عبد الله بن سويد قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث فقال إذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة لم يلج على أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم ولا أحد من الاجراء الا باذن وإذا وضعت ثيابي
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست