الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٥٣
في شعب الايمان عن عقبة بن عامر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فينادى مناد سيعلم أهل الموقف لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ثم يقول أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة إلى آخر الآية ثم يقول أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم * وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الرب عز وجل سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم فقيل ومن أهل الكرم يا رسول الله قال أهل الذكر في المساجد * وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم ينادى مناد سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم ينادى أيضا فيقول سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم أين الحمادون الله على كل حال فيقومون وهم كثير ثم تكون التبعة والحساب على من بقى * قوله تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب) الآيتين * أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين كفروا أعمالهم كسراب الآية قال هو مثل ضربه الله لرجل عطش فاشتد عطشه فرأى سرابا فحسبه ماء فظن أنه قدر عليه حتى أتى فلما أتاه لم يجده شيئا وقبض عند ذلك يقول الكافر كذلك ان عمله يغنى عنه أو نافعه شيئا ولا يكون على شئ حتى يأتيه الموت فاتاه الموت لم يجد عمله أغنى عنه شيئا ولم ينفعه الا كما يقع العطشان المشتد إلى السراب أو كظلمات في بحر لجي قال يعنى بالظلمات الأعمال وبالبحر اللجي قلب الانسان يغشاه موج يعنى بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كسراب بقيعة يقول أرض مستوية * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله كسراب بقيعة قال بقاع من الأرض والسراب عمل الكافر حتى إذا جاءه لم يجده شيئا واتيانه إياه موته وفراقه الدنيا وجد الله عنده ووجد الله عند فراقه الدنيا فوفاه حسابه * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة كسراب بقيعة قال بقيعة من الأرض * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق السدى عن أبيه عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال إن الكفار يبعثون يوم القيامة وردا عطاشا فيقولون أين الماء فيمثل لهم السراب فيحسبونه ماء فينطلقون إليه فيجدون الله عنده فيوفيهم حسابهم والله سريع الحساب * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة أو كظلمات في بحر لجي قال اللجي العميق القعر يغشاه موج من فوقه موج الآية قال هذا مثل عمل الكافر في ضلالات ليس له مخرج ولا منفذ أعمى فيها لا يبصر * وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال إذا أخرج يده لم يكد يراها قال أما رأيت الرجل يقول والله ما رأيتها وما كدت ان أراها * وأخرج ابن المنذر عن أبي امامة انه قال أيها الناس انكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ويوشك ان تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الضيق الا ما وسع الله ثم تنقلون إلى مواطن يوم القيامة وانكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطى شيئا وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه أو كظلمات في بحر لجي إلى قوله فماله من نور فلا يستضئ الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضئ الأعمى ببصر البصير * قوله تعالى (ألم تر ان الله يسبح) الآية * أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله ألم تر ان الله يسبح له إلى قوله كل قد علم صلاته وتسبيحه قال الصلاة للانسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه * وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله والطير صافات قال بسط أجنحتهن * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والطير صافات قال صافات بأجنحتها * وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مسعر في قوله والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه قال قد سمى لها صلاة ولم يذكر ركوعا ولا سجودا * قوله تعالى (ألم تر ان الله يزجي سحابا)
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست