الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٠
خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق الا الله الواحد القهار الصمد الذي لم يلد ولم يولد كان آخرا كما كان أولا طوى السماوات والأرض كطي السجل للكتاب ثم قال بهما فلفهما ثم قال أنا الجبار أنا الجبار ثلاث مرات ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم لمن الملك اليوم لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد ثم يقول لنفسه الله الواحد القهار يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش فيأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم اثنى عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات 7 الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال الله ليحيي حملة العرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول الله ليحيي جبريل وميكائيل فيحييان ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد فتدخل في الخياشيم تم تمشى في الأجساد كما يمشى السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم وأنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر حفاة عراة غلفا غرلا فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السماوات السبع ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة يحمل عرشيه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسماوات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف بصوته فيقول يا معشر الجن والإنس انى قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فانصتو إلى فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ثم يقول ألم أعهد إليكم يا بني آدم ان لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين وان اعبدوني هذا صراط مستقيم إلى قوله وامتازوا اليوم أيها المجرمون فيميز بين الناس وتجثو الأمم قال وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وان يبلغ الأذقان منهم فيصيحون ويقولون من يشفع لنا إلى ربنا فيقضى بيننا فيقولون ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام فيطلبون ذلك إليه فيأبى ويقول ما أنا بصاحب ذلك ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤوا نبيا أبى عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتوني فانطلق حتى آتي فاخر ساجدا قال أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلى ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول لي يا محمد فأقول نعم يا رب فيقول ما شأنك وهو أعلم فأقول يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجع فأقف مع الناس فيقضى الله بين الخلائق فيكون أول من يقضى فيه في الدماء ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون يا ربنا قتلنا فلان وفلان فيقول الله وهو أعلم أقتلتم فيقولون يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك فيقول الله لهم صدقتم فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون يا ربنا قتلنا فلان وفلان فيقول لم
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست