الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٤
القرآن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا الآية وكان ممن أرجئ عن التوبة وخلف كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فأرجؤا أربعين يوما فخرجوا وضربوا فساطيطهم واعتزلهم نساؤهم ولم يتولهم المسلمون ولم يقربوا منهم فنزل فيهم وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله التواب الرحيم فبعث أم سلمة إلى كعب فبشرته * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال قال الأحنف بن قيس عرضت نفسي على القرآن فلم أجدني بآية أشبه منى بهذه الآية وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا الآية * وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار قال سألت الحسن عن قول الله وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فقال يا مالك تابوا عسى الله ان يتوب عليهم وعسى من الله واجبة * وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه عن سمرة بن جندب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر ان يقول لأصحابه هل رأى أحد منكم رؤيا وانه قال لنا ذات غداة انه أتاني الليلة آتيان فقالا لي انطلق فانطلقت معهما فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فأتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوى بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ههنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود إليه فيفعل به مثل ما فعل في المرة الأولى قلت لهما سبحان الله ما هذان قالا لي انطلق فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وآخر قائم عليه بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى قلت سبحان الله ما هذان قالا لي انطلق فانطلقنا فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا قلت ما هؤلاء فقالا لي انطلق فانطلقنا فأتينا على نهر أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شاطئ النهر رجل عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجر فينطلق فيسبح ثم يرجع إليه كما رجع فغر له فاه فألقمه حجرا قلت لهما ما هذان قالا لي انطلق فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء وإذا هو عنده نار يحشها ويسعى حولها قلت لهما ما هذا قالا لي انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط قالا لي انطلق فانطلقنا فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر قط روضة أعظم منها ولا أحسن قالا لي ارق فيها فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء قالا لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر فإذا نهر معترض يجرى كان ماءه المخض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا فذهب السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قالا لي هذه جنة عدن وهذاك منزل فسما بصرى صعدا فإذا قصل مثل الربابة البيضاء قالا لي هذا منزلك قلت لهما بارك الله فيكما ذراني فادخله قالا أما الآن فلا وأنت داخله قلت لهما فإني رأيت منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت قالا لي أما الرجل الأول الذي اتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة يفعل به إلى يوم القيامة وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخراه إلى قفاه وعينيه إلى قفاه فإنه الرج ليغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا وأما الرجل الكريه المرآة الذي عنده النار يحشها فإنه مالك خازن النار واما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم واما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة واما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تجاوز الله عنهم وانا جبريل وهذا ميكائيل * وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي موسى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت رجالا تقرض جلودهم بمقاريض من نار قلت ما هؤلاء قال هؤلاء الذين يتزينون إلى مالا يحل لهم ورأيت خباء خبيث الريح وفيه صياح قلت ما هذا قال هن نساء يتزين إلى ما لا يحل لهن ورأيت قوما اغتسلوا من
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست