تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٧
[الأنبياء: 103]، وقال ابن عباس: معنى الآية: لا علم لنا إلا ما علمتنا، أنت أعلم به منا، وقول ابن عباس حسن، وهو أصوب هذه المناحي، لأنه يتخرج على التسليم لله تعالى، ورد الأمر إليه، إذ هو العالم بجميع ذلك، على التفصيل والكمال، فرأوا التسليم والخضوع لعلمه المحيط سبحانه، قال مكي: قال ابن عباس: المعنى: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا، وهو اختيار الطبري، وقيل: لما كان السؤال عاما يقتضي بعمومه سؤالهم عن سر الأمم وعلانيتها، ردوا الأمر إليه، إذ ليس عندهم إلا علم الظاهر، قال مكي: وهذا القول أحب الأقوال إلي، قال: ومعنى مسألة الله الرسل عما أجيبوا، إنما هو لمعنى التوبيخ لمن أرسلوا إليه، كما قال تعالى: (وإذا الموؤودة سئلت) [التكوير: 8]، انتهى من " الهداية ".
وقوله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك...) الآية: (قال) هنا بمعنى يقول، لأن ظاهر هذا القول أنه في القيامة، تقدمة لقوله سبحانه: (أأنت قلت للناس) [المائدة: 116].
وقوله سبحانه: (وإذا تخرج الموتى)، أي: من قبورهم، وكف بني إسرائيل عنه - عليه السلام - هو رفعه حين أحاطوا به في البيت مع الحواريين، وكذلك منعه منهم قبل ذلك إلى تلك النازلة الأخيرة، فهناك ظهر عظم الكف.
وقوله سبحانه: (وإذ أوحيت إلى الحواريين)، هو من جملة تعديد النعم على عيسى - عليه السلام -: و (أوحيت)، في هذا الموضع: إما أن يكون وحي إلهام أو وحي أمر، وبالجملة فهو إلقاء معنى في خفاء، أوصله سبحانه إلى نفوسهم، كيف شاء، والرسول في هذه الآية: عيسى، وقول الحواريين: (وأشهد): يحتمل أن يكون مخاطبة منهم لله سبحانه، ويحتمل أن يكون لعيسى.
(إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة