تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٤
يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد (196) متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد (197) لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار (198)) وقوله سبحانه: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى...) الآية: استجاب بمعنى أجاب، روي أن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: يا رسول الله، قد ذكر الله تعالى الرجال في الهجرة، ولم يذكر النساء في شئ من ذلك، فنزلت الآية. وهي آية وعد من الله، أي: هذا فعله سبحانه مع الذي يتصفون بما ذكر، قال الفخر: روي عن جعفر الصادق، أنه قال: من حزبه أمر فقال خمس مرات: ربنا - أنجاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد، وقرأ هذه الآية، قال: لأن الله تعالى حكى عنهم، أنهم قالوا: ربنا، خمس مرات، ثم أخبر أنه استجاب لهم. انتهى.
وقوله تعالى: (بعضكم من بعض)، يعني: في الأجر، وتقبل الأعمال، أي: أن الرجال والنساء في ذلك على حد واحد، قال الفخر: قوله سبحانه: (بعضكم من بعض)، أي: شبه بعض، أو مثل بعض، والمعنى: أنه لا تفاوت في الثواب بين الذكر والأنثى، إذا استووا في الطاعة، وهذا يدل على أن الفضل في باب الدين، إنما هو بالأعمال، لا بسر صفات العاملين، لأن كونهم ذكرا أو أنثى، أو من نسب خسيس أو شريف - لا تأثير له في هذا الباب. انتهى.
وبين سبحانه حال المهاجرين، ثم الآية بعد تنسحب على كل من أوذي في الله، وهاجر أيضا إلى الله إلى يوم القيامة.
وقوله سبحانه: (وأخرجوا من ديارهم): عبارة فيها إلزام الذنب للكفار، واللام في قوله: لأكفرن): لام القسم، و (ثوابا): مصدر مؤكد، وباقي الآية بين.
وقوله سبحانه: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد...) الآية: نزلت: (لا يغرنك) في هذه الآية منزلة: (لا تظن)، أن حال الكفار حسنة، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد أمته، والتقلب: التصرف في التجارات، والأرباح، والحروب، وسائر الآمال،
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة