الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٩٤
حجة قطعا، بل أولى من فهم المتأخرين بمراتب شتى، من حيث أن عهدهم في غاية القرب، بل في الحقيقة معاصرون، ومن حيث إنه ما خلط أذهانهم الاجتهادات والشبهات التي خلط أذهان المتأخرين، والشاهد يرى ما لا يراه الغائب.
ولا شك في أن مراد هؤلاء من الخمر المعنى المعهود، لأنه قال أولا: باب ما يتخذ منه الخمر، وأتى بما يدل على أن الخمر من خمسة، ثم قال: باب تحريم أصل الخمر (1)، وأتى بتلك الأخبار، وفي بعضها التصريح بالسكر.
وأما الصدوق، فلم يذكر في " الفقيه "، مع أنه في: " من لا يحضره الفقيه " لم يذكر في باب الأكل والشرب والباب المتقدم عليه حكاية حرمة العصير أصلا، ولو كان حرمته عنده من غير جهة السكر لذكره هناك، مع أنه لم يذكر هناك، ولا في موضع من المواضع سوى باب حد شرب الخمر، حيث قال: (قال أبي في رسالته إلي: إعلم أن أصل الخمر من الكرم، إذا أصابته النار أو غلا من غير أن تمسه [النار] فيصير أعلاه أسفله فهو خمر، فلا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه)، ثم أتى بعبارة أخرى صريحة في أن المراد الخمر المعهود، ثم قال: (ولها خمسة أسامي: العصير من الكرم... إلى آخره) (2).
فظهر أن فهمه (رحمه الله) على طبق فهم الكليني (رحمه الله)، وفهم الكليني على طبق فهمه، وهما كانا معاصرين، يصلان إلى خدمة الصاحب (عليه السلام)، سيما أن ولده الصدوق أيضا كان فهمه موافقا لفهمهما، لما ذكرنا، ولما ذكره في أول كتابه (3)، وما عهد من مواضع ذكر رسالة أبيه، من حيث أنه يجعله نفس فتوى نفسه، كما لا

(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست