تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٢٨٨
أخرى فقال: * (ولذكر الله أكبر) * (التوبة: 112) وقال: * (ورضوان من الله أكبر) * وأما قولنا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فهو غير مذكور في القرآن صريحا، لأنه من كنوز الجنة، والكنز يكون مخفيا ولا يكون ظاهرا، فالأسماء الخمسة المذكورة في سورة الفاتحة مباد لهذه الأذكار الخمسة، فقولنا: الله مبدأ لقولنا سبحان الله، وقولنا: رب مبدأ لقولنا الحمد لله، وقولنا الرحمن مبدأ لقولنا لا إله إلا الله، فإن قولنا: ر إله إلا الله إنما يليق بمن يحصل له كمال القدرة وكمال الرحمة، وذلك هو الرحمن؛ وقولنا: الرحيم مبدأ لقولنا الله أكبر ومعناه أنه أكبر من أن لا يرحم عباده الضعفاء، وقولنا: مالك يوم الدين مبدأ لقولنا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لأن الملك والمالك هو الذي لا يقدر عبيده على أن يعملوا شيئا على خلاف إرادته، والله أعلم. الفصل الثامن في السبب المقتضي لاشتمال بسم الله الرحمن الرحيم على الأسماء الثلاثة السبب في اشتمال البسملة على الأسماء الثلاثة:
وفيه وجوه: الأول: لا شك أنه تعالى يتجلى لعقول الخلق، إلا أن لذلك التجلي ثلاث مراتب: فإنه في أول الأمر يتجلى بأفعاله وآياته، وفي وسط الأمر يتجلى بصفاته، وفي آخر الأمر يتجلى بذاته، قيل إنه تعالى يتجلى لعامة عباده بأفعاله وآياته، قال: * (ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام) * (الشورى: 32) وقال: * (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات) * (آل عمران: 190) ثم يتجلى لأوليائه بصفاته، قال: * (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا) * (آل عمران: 191) ويتجلى لأكابر الأنبياء ورؤساء الملائكة بذاته * (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) * (الأنعام: 91) إذا عرفت هذا فنقول: اسم الله عز وجل أقوى الأسماء في تجلي ذاته، لأنه أظهر الأسماء في اللفظ، وأبعدها معنى عن العقول، فهو ظاهر باطن، يعسر إنكاره. ولا تدرك أسراره، قال الحسين بن منصور الحلاج: - اسم مع الخلق قد تاهوا به ولها * ليعلموا منه معنى من معانيه والله ما وصلوا منه إلى سبب * حتى يكون الذين أبداه مبديه وقال أيضا: - يا سر سر يدق حتى * يخفي على وهم كل حي ظاهرا باطنا تجلى * لكل شيء بكل شيء
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 » »»