تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٢
النبي صلى الله عليه وسلم قال من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط والأول أصح في سبب نزول الآية (قل أحل لكم الطيبات) يعني الذبائح على اسم الله تعالى وقيل كل ما تستطيبه العرب وتستلذه من غير أن يرد بتحريمه نص من كتاب أو سنة (وما علمتم من الجوارح) يعني وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح واختلفوا في هذه الجوارح فقال الضحاك والسدي هي الكلاب دون غيرها ولا يحل ما صاده غير الكلب إلا أن تدرك ذكاته وهذا غير معمول به بل عامة أهل العلم على أن المراد من الجوارح والكواسب من سباع البهائم كالفهد والنمر والكلب ومن سباع الطير كالبازي والعقاب والصقر ونحوها مما يقبل التعليم فيحل صيد جميعها سميت جارحة لجرحها أربابها أقواتهم من الصيد أي كسبها يقال فلان جارحة أهله أي كاسبهم (مكلبين) والمكلب الذي يغري الكلاب على الصيد ويقال للذي يعلمها أيضا مكلب والكلاب صاحب الكلاب ويقال للصائد بها أيضا كلاب ونصب مكلبين على الحال أي في حال تكليبكم هذه الجوارح أي إغرائكم إياها على الصيد وذكر الكلاب لأنها أكثر وأعم والمراد جميع جوارح الصيد (تعلمونهن) تؤدبونهن آداب أخذ الصيد (مما علمكم الله) أي من العلم الذي علمكم الله قال السدي أي كما علمكم الله (من) بمعنى الكاف (فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) أراد أن الجارحة المعلمة إذا خرجت بإرسال صاحبها فأخذت الصيد وقتلته كان حلالا والتعليم هو أن يوجد فيها ثلاثة أشياء إذا أشليت استشلت وإذا زجرت انزجرت وإذا أخذت الصيد أمسكت ولم تأكل وإذا وجد ذلك ذلك منه مرارا وأقلها ثلاث مرات كانت معلمة يحل قتلها إذا خرجت بإرسال صاحبها أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا موسى بن إسماعيل بن إسماعيل أنا ثابت بن زيد عن عاصم عن الشعبي عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت فأمسك وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله عليها فأمسكن وقتلن فلا تأكل فإنك لا تدري أيها قتل وإذا رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل وإن وقع في الماء فلا تأكل واختلفوا فيما إذا أخذت الصيد وأكلت منه شيئا فذهب أكثر أهل العلم إلى تحريمه روى ذلك عن ابن عباس وهو قول عطاء وطاوس والشعبي وبه قال الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي وهو أصح قول الشافعي لقوله صلى الله عليه وسلم وأن أكل فلا فإنما أمسك على نفسه ورخص بعضهم في أكله روي ذلك عن ابن عمر وسلمان الفارسي وسعد بن أبي وقاص وقال مالك لما روى عن أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله تعالى فكل وإن أكل منه وأما غير المعلم من الجوارح إذا أخذ صيدا أو المعلم إذا جرح بغير إرسال صاحبه فأخذ وقتل فلا يكون حلالا إلا أن يدركه صاحبه حيا فيذبحه فيكون حلالا أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن يزيد أنا حيوة أخبرني ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس عن أبي ثعلبة الخشني قال قلت يا نبي الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم وبأرض صيد أصيد
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»