تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٤٨
وشر (مشتغلا بها لا تتفرغ) إلى غيرها والنفس تذكر وتؤنث " * (وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون) *).
روى أبو صالح المري عن جعفر بن زيد قال: قال عمر بن الخطاب (ح) لكعب الأحبار: يا كعب خوفنا وحدثنا حديثا (تنبهنا به) قال: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لو (وافيت) القيامة بمثل عمل سبعين نقيبا، لأتيت عليك ظلمات وأنت لا تهمل إلا نفسك وأن لجهنم زفرة ما يبقى ملك مقرب ولا نبي مبعث إلا وقع جاثيا على (ركبتيه) حتى إن إبراهيم ليدلي (بالخلة) فيقول: يا رب أنا خليلك إبراهيم لا أسالك إلا نفسي وأن تصديق ذلك الذي أنزل عليكم " * (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها) *).
وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال: ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة، حتى تخاصم الروح الجسد فتقول الروح: يا رب الروح منك وأنت خلقته لم تكن لي يد أبطش بها ولا رجل أمشي بها ولا عين أبصر بها، ويقول الجسد إنما خلقتني كالخشب ليس لي يد ابطش بها ولا عين أبصر بها ولا رجل أمشي بها، فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لساني وبه أبصرت عيني وبه مشت رجلي فجدد عليه العذاب. قال: فيضرب الله لهما مثال أعمى ومقعدا دخلا حائطا فيه ثمار، فالأعمى لا يبصر الثمر والمقعد لا يناله، فنادى المقعد الأعمى: أتيني هاهنا حتى تحملني، قال: فدنا منه فحمله فأصابوا من الثمر فعلى من يكون العذاب، قالا: عليهما قال: عليكما جميعا الغذاب، " * (وضرب الله مثلا قرية) *) يعني مكة " * (كانت آمنة) *) لايهاج أهلها ولايغار أهلها " * (مطمئنة) *) قارة بأهلها (لا يحتاجون) إلى الانتقال للانتجاع كما يحتاج إليها سائر العرب " * (يأتيها رزقها رغدا من كل مكان) *) يحمل إليها من البر والبحر، نظيره قوله " * (يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا) *) * * (فكفرت بأنعم الله) *) جمع النعمة وقيل: جمع نعم، وقيل: جمع نعماء مثل بأساء وأبوس " * (فأذاقها الله لباس الجوع) *) ابتلاهم الله بالجوع سبع سنين وقطعت العرب عنهم الميرة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جهدوا فأكلوا العظام المحرقة والجيفة والكلاب الميتة (والعلهز) وهو الوبر يعالج بالدم، ثم إن رؤوساء مكة تكلموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: هذا عذاب الرجال فما بال النساء والصبيان؟ فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمل الطعام إليهم وهم بعد مشركون " * (والخوف) *) يعني بعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه التي كانت تطيف بهم.
وروى الخفاف والعباس عن أبي عمرو: (والخوف) بالنصب بايقاع أذاقها عليه " * (بما كانوا يصنعون) *).
روى مشرح بن فاعان عن سليمان بن عمر بن عثمان قال: صدرنا من الحج مع حفصة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان محصور بالمدينة، فكانت تسأل عنه حين رأت راكبين، فأرسلت اليهما تسألهما فقالا: قتل. فقالت حفصة: والذي نفسي بيده إنها يعني المدينة القرية التي قال الله
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»