تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٤٤
يسار وللآخر خير، وكانا يصنعان السيوف بمكة وكانا يقرآن بالتوراة والإنجيل، فربما مر بهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما يقرآن فيقف فيسمع.
وقال الضحاك: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آذاه الكفار يقصد إليهما فيستروح بكلامهما، فقال المشركون: إنما يتعلم محمد منهما، فنزلت هذه الآية.
وقال السدي: كان بمكة رجل نصراني يقال له ابن ميسرة يتكلم بالرومي، فربما يقعد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الكفار: إنما يتعلم محمد منه، فنزلت هذه الآية.
وروى علي بن الحكم وعبيد بن سليمان عن الضحاك: " * (إنما يعلمه بشر) *) قال: كانوا يقولون: إنما يعلمه سلمان الفارسي، وهذا قول غير مرضي؛ لأن سلمان إنما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهذه الآية مكية.
قال الله تكذيبا لهم (وإلزاما) للحجة عليهم: " * (لسان الذي يلحدون إليه) *) أي يميلون إليه ويشيرون إليه. وخص الكسائي هذا الحرف من بين سائره فقرأ بفتح الياء والحاء؛ لأنه كان يحدثه عن سفيان عن أبي إسحاق عن أصحاب عبد الله كذلك.
" * (أعجمي) *) والفرق بين الأعجمي والعجمي، والعربي والإعرابي: أن الأعجمي لا يفصح وأنه كان نازلا بالبادية والعجمي منسوب إلى العجم وإن كان فصيحا. والإعرابي: البدوي، والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن فصيحا.
" * (وهذا لسان عربي مبين) *) فصيح، وأراد باللسان القرآن؛ لأن العرب تقول للقصيدة واللغة: لسان، كقول الشاعر:
لسان السوء تهديها إلينا وحنت ما حسبتك أن تحينا يعني باللسان القصيدة والكلمة.
" * (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم) *) ثم إن الله تعالى بعدما أخبر عن إغراء المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نسبوه إليه من الافتراء على الله وتبين أنهم المفترون دونه، فقال عز من قائل: " * (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون) *) لا محمدا.
روى يعلي بن الأشدق عن عبد الله بن حماد قال: قلت يا رسول الله المؤمن يزني؟ قال: (يكون ذلك). قال: قلت: يا رسول الله المؤمن يسرق؟ قال: (قد يكون ذلك). قال: قلت: يا رسول الله المؤمن يكذب؟
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»