تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٢٣
قال: يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا).
" * (ومن الليل فتهجد به) *) أي قم بعد نومك وصل.
قال المفسرون: لا يكون التهجد إلا بعد النوم يقال: تهجد إذا سهر، وهجد إذا نام.
وقال بعض أهل اللغة: يقال تهجد إذا نام وتهجد إذا سهر وهو من الاضداد.
روى حميد بن عبد الرحمن بن عوف: عن رجل من الأنصار إنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وقال: لأنظرن كيف يصلي النبي صلى الله عليه وسلم قال: فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ فرفع رأسه إلى السماء فتلا أربع آيات من سورة آل عمران: " * (إن في خلق السماوات والأرض لآيات) *) ثم أهوى بيده إلى القربة وأخذ مسواكا فأستن به ثم توضأ ثم صلى ثم نام ثم استيقظ، فصنع كصنيعه أول مرة، ويزعمون أنه التهجد الذي أمره الله تعالى.
" * (نافلة لك) *) قال ابن عباس: خاصة لك، مقاتل بن حيان: كرامة وعطاء لك.
ابن عباس: فريضتك.
وقال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل خاصة وكتبت عليه، ويكون معنى النافلة على هذا القول فريضة فرضها الله عليك فضلا عن الفرائض التي فرضها الله علينا زيادة.
وقال قتادة: تطوعا وفضيلة.
وقال بعض العلماء: كانت صلاة الليل فرضها عليه في الابتداء ثم رخص له في تركها فصارت نافلة.
وقال مجاهد: والنافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة من أجل أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة فهو نافلة لك من أجل أنه لا يعمل ذلك كفارة لذنوبهم، فهي نوافل له وزيادة للناس يعملون ويصلون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها فليست للناس نوافل.
" * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) *).
قال أهل التأويل: عسى ولعل من الله جزاء لأنه لا يدع أن يفعل لعباده ما أطمعهم فيه من الجزاء على طاعاتهم لأنه ليس من صفته الغرور، ولو أن رجلا قال لآخر: اهدني والزمني لعلي أن أنفعك فلزمه ولم ينفعه مع إطماعه فيه ووعده لكان عارا له وتعالى الله عن ذلك، وأما المقام المحمود فالمقام الذي يشفع فيه لأمته يحمده فيه الأولون والآخرون.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»