تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١١٩
ذي الحليفة، حتى ترتاد ويجتمع عليه أصحابه (وينظر) إليه الناس. فأنزل الله عز وجل " * (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض) *) التي كنت بها وهي أرض المدينة.
وروى شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن الحكم: إن اليهود أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم إن كنت صادقا أنك نبي فالحق بالشام فإنها أرض المحشر والنشر وأرض الأنبياء فصدق رسول الله ما قالوا وقد كان في غزوة تبوك لا يريد بذلك إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آية من سورة بني إسرائيل بعدها ختمت السورة " * (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض) *) الآية وأمره بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها خيلك وملكك وفيها مبعثك.
قال مجاهد وقتادة: هم أهل مكة عمدا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة ولو فعلوا ذلك لما توطنوا ولكن الله كفهم عن إخراجه حتى أمره ولقلما لبثوا مع ذلك بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حتى أهلكهم الله يوم بدر.
وهذا التأويل أليق بالآية لأن ما قبلها خبر من أهل مكة ولم يجد لليهود ذكر ولأن هذه السورة مكية.
وقيل: هم الكفار كلهم كادوا أن يستخفوه من أرض العرب بإجتماعهم وتظاهرهم عليه فمنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم ولم ينالوا منه ما أملوا من الظفر ولو أخرجوه من أرض العرب لم يميلوا أن يقيموا فيها على كفرهم بل أهلكوا بالعذاب فذلك قوله * (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها) * * (وإذا لا يلبثون خلافك) *) أي بعدك وهي قراءة أبي عمرو وأهل الحجاز وإختاره أبو عبيد.
وقرأ الباقون: خلافك وإختاره أبو حاتم إعتبارا بقوله " * (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله) *) ومعناه أيضا بعدك.
قال الشاعر:
عفت الديار خلافها فكأنما بسط الشواطب منهن حصيرا أي بعدها.
" * (إلا قليلا) *) حتى تهلكوا " * (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) *) أي كسنتنا فيمن أرسلنا
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»