تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٧
فنزل جبريل، عليه السلام، في ألف من الملائكة، فقام جبريل، عليه السلام، في خمسمائة ملك عن ميمنة الناس، معهم أبو بكر، ونزل ميكائيل، عليه السلام، في خمسمائة على ميسرة الناس، معهم عمر في صور الرجال، عليهم البياض، وعمائم البيض، قد أرخوا أطرافها بين أكتافهم، فقاتلت الملائكة يوم بدر، ولم يقاتلوا يوم الأحزاب، ولا يوم خيبر.
ثم قال * (وما جعله الله) *، يعنى مدد الملائكة، * (إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم) *، يعنى لتسكن إليه قلوبكم، * (وما النصر) *، وليس النصر، * (إلا من عند الله) *، وليس النصر بقلة العدد ولا بكثرته، ولكن النصر من عند الله، * (أن الله عزيز حكيم) * [آية: 10]، * (عزيز) *، يعني منيع، * (حكيم) * في أمره، حكم النصر.
وقوله: * (إذ يغشيكم النعاس) *، وذلك أن كفار مكة سبقوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ماء بدر، فخلفوا الماء وراء ظهورهم، ونزل المسلمون حيالهم على غير ماء، وبينهم وبين عدوهم بطن واد فيه رمل، فمكث المسلمون يوما وليلة يصلون محدثين مجنبين، فأتاهم إبليس، لعنة الله، فقال لهم: أليس قد زعمتم أنكم أولياء الله على دينه، وقد غلبتم على الماء تصلون على غير طهور، وما يمنع القوم من قتالكم إلا ما أنتم فيه من العطش والبلاء، حتى إذا انقطعت رقابكم من العطش، قاموا إليكم فلا يبصر بعضكم بعضا، فيقرنونكم بالحبال، فيقتلون منكم من شاءوا، ثم ينطلقون بكم إلى مكة.
فحزن المسلمون وخافوا، وامتنع منهم النوم، فعلم الله ما في قلوب المؤمنين من الحزن، فألقى الله عليهم النعاس أمنة من الله ليذهب همهم، وأرسل السماء عليهم ليلا، فأمطرت مطرا جوادا حتى سالت الأودية، وملؤوا الأسقية، وسقوا الإبل، واتخذوا الحياض، واشتدت الرملة، وكانت تأخذ إلى كعبي الرجال، وكانت باعة المؤمنين رجال لم يكن معهم إلا فارسان: المقداد بن الأسود، وأبو مرثد الغنوي، وكان معهم ستة أدرع، فأنزل الله * (إذ يغشيكم النعاس) * * (أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * من الأحداث، والجنابة، * (ويذهب عنكم رجز الشيطن) *، يعني
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»