تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٣٤٧
معادك، ولا تخض فيما لا يعنيك، ولا تأمن الخوف في أمنك، ولا تيأس من الأمن في خوفك، ولا تذر الإحسان في قدرتك، وتدبر الأمور في عاقبتك. قال له موسى عليه السلام: زدني رحمك الله، قال له الخضر: إياك والإعجاب بنفسك، والتفريط فيما بقي من عمرك، وأحذر من لا يغفل عنك، قال له موسى، صلى الله عليهما: زدني رحمك الله، قال له الخضر: إياك واللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، ولا تعيرن أحدا من الخاطئين بخطاياهم بعد الندم، وأبك على خطيئتك يا بن عمران.
قال له موسى صلى الله عليه وسلم: قد أبلغت في الوصية، فأتم الله عليك نعمته، وغمرك في رحمته، وكلأك من عدوه، قال له الخضر: آمين، فأوصني يا موسى.
قال له موسى: إياك والغضب إلا في الله تعالى، ولا ترض عن أحد إلا في الله عز وجل، ولا تحب لدنيا، ولا تبغض لدنيا تخرج من الإيمان، وتدخلك في الكفر. قال الخضر، عليهما السلام: قد أبلغت في الوصية، فأعانك الله على طاعته، وأراك السرور في أمرك، وحببك إلى خلقه، وأوسع عليك من فضله، قال له موسى: آمين.
فبينما هما جلوس على ساحل البحر إذ انقضت خطافة فنقرت بمنقارها من البحر نقرتين.
قال موسى للخضر عليهما السلام: يا نبي الله، هل تعلم ما نقص من البحر؟ قال له الخضر: لولا ما نراد فيه لأخبرتك، قال موسى للخضر يا نبي الله، هل من شيء ليس فيه بركة؟ قال له الخضر: نعم يا موسى، ما من شيء إلا وفيه بركة ما خلا آجال العباد، ومدتهم، ولولا ذلك لفني الناس. قال موسى: وكيف ذلك؟ قال له الخضر: لأن كل شيء ينقص منه، فلا يزاد فيه ينقطع، قال له موسى: يا نبي الله، من أجل أي شيء أعطاك الله عز وجل من بين العباد أن لا تموت حتى نسأل الله تعالى، واطلعت على ما في قلوب العباد تنظر بعين الله عز وجل؟
قال له الخضر: يا موسى، بالصبر عن معصية الله، عز وجل، والشكر لله، عز وجل في نعمته، وسلامة القلب لا أخاف ولا أرجو دون الله أحدا.
حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، عن الهذيل، قال: سمعت عبد القدوس يحدث عن الحسن، قال: سمعت ابن عباس على المنبر يقول: * (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»