تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٤٢٦
سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) * [البقرة: 7]، فلم تفقه قلوبهم، ولم تبصر أعينهم، ولم تسمع آذانهم الإيمان، ثم ضرب مثلا، فقال: * (أولئك كالأنعام) * يأكلون ويشربون ولا يلتفتون إلى الآخرة، كما تأكل الأنعام، ليس للأنعام همة غير الأكل والشرب والسفاد، فهي لا تسمع، ولا تعقل، كذلك الكفار، ثم قال: * (بل هم) *، يعني كفار مكة * (أضل) *، يعني أضل سبيلا، يعني الطريق من الأنعام، ثم قال: * (أولئك هم الغافلون) * [آية: 179]، لأن الأنعام تعرف ربها وتذكره، وهم لا يعرفون ربهم ولا يوحدونه.
* (ولله الأسماء الحسنى) *، وذلك أن رجلا دعا الله في الصلاة، ودعا الرحمن، فقال رجل من مشركي مكة، وهو أبو جهل: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا، فما بال هذا يدعو ربين اثنين، فأنزل الله: * (ولله الأسماء الحسنى) *، يعني الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، ونحوها، يقول: * (فادعوه بها) *، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل، فقال:
' ادع الله، وادع الرحمن، ورغما لأنف المشركين، فإنك ما دعوت من هذه الأسماء، فله الأسماء الحسنى '، قال: * (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) *، يعني يميلون في أسمائه عن الحق، فيسمون الآلهة: اللات، والعزى، وهبل، ونحوها، وأساف، ونائلة، فمنعهم الله أن يسموا شيئا من آلهتهم باسم الله، ثم قال: * (سيجزون) * العذاب في الآخرة * (ما كانوا يعملون) * [آية: 180].
* (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق) *، يعني عصبة يدعون إلى الحق، * (وبه يعدلون) * [آية: 181]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه لكم، وقد أعطى الله موسى، عليه السلام، مثلها.
* (والذين كذبوا بآياتنا) *، يعني بالقرآن، * (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) * [آية: 182]، يعني سنأخذهم بالعذاب من حيث يجهلون، نزلت في المستهزئين من قريش.
* (وأملى لهم) *، يعني لا أعجل عليهم بالعذاب، * (إن كيدي متين) * [آية:
183]، يعني إن أخذى شديد، قتلهم الله في ليلة واحدة.
* (أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة) *، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، يعني من جنون، وذلك أن
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 » »»