تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٤٢٣
يحرفونه عن مواضعه، ولا يستحلون محرما، * (وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين) * [آية: 170]، نزلت في ابن شلام وأصحابه.
* (وإذ نتقنا الجبل) *، يعني وإذ رفعنا الجبل * (فوقهم كأنه ظلة) *، وذلك أن موسى، عليه السلام، حين أتاهم بالتوراة، وجدوا فيها القتل، والرجم، والحدود، والتغليظ، أبوا أن يقبلوا التوراة، فأمر الله الجبل عند بيت المقدس، فانقطع من مكانه، فقام فوق رؤوسهم، فأوحى الله إلى موسى أن قل لهم: إن لم يقروا بالتوراة، طرحت عليهم الجبل، وأرضخ به رؤوسهم، فلما رأوا ذلك أقروا بالتوراة، ورجع الجبل إلى مكانه، فذلك قوله: * (وظنوا أنه واقع بهم) *، يعني وأيقنوا أن الجبل واقع بهم، يعني عليهم، * (خذوا ما آتيناكم بقوة) *، ما أعطيناكم من التوراة بالجد والمواظبة، * (واذكروا ما فيه) *، يقول: واحفظوا ما فيه من أمره ونهيه، * (لعلكم) *، يعني لكي * (تتقون) * [آية: 171] المعاصي.
* (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم) *، يقول: وقد اخذ ربك من بني آدم بنعمان عند عرفات من ظهورهم، * (ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم) * بإقرارهم، * (ألست بربكم قالوا بلى) * أنت ربنا، وذلك أن الله عز وجل مسح صفحة ظهر آدم اليمنى، فأخرج منه ذرية بيضاء كهيئة الذر يتحركون، ثم مسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر، وهم ألف أمة، قال: يا آدم: هؤلاء ذريتك أخذنا ميثاقهم على أن يعبدوني ولا يشركوا بنى شيئا وعلى رزقهم، قال آدم: نعم يا رب، فلما أخرجهم، قال الله: ألست بربكم؟ قالوا: بلى * (شهدنا) * إنك ربنا، قال الله للملائكة:
اشهدوا عليهم بالإقرار، قالت الملائكة: قد شهدنا، يقول الله في الدنيا لكفار العرب من هذه الأمة: * (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا) * الميثاق الذي أخذ علينا * (غافلين) * [آية: 172]، وأشهدهم على أنفسهم.
* (أو تقولوا) * لئلا تقولوا: * (إنما أشرك آباؤنا) * ونقضوا الميقاث، * (من قبل) * شركنا، ولئلا تقولوا: * (وكنا ذرية من بعدهم) *، فاقتدينا بهم وبهداهم، لئلا تقولوا:
* (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) * [آية: 173]، يعني أفتعذبنا بما فعل المبطلون، يعني المكذبين بالتوحيد، يعنون آباءهم، كقوله: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) * [الزخرف: 23].
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»