تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٣٣
جوامع الجامع قال: وروي أن أبا بكر وعمر بعثا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليأتي لهما بطعام فبعثه إلى أسامة بن زيد وكان خازن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رحله فقال: ما عندي شئ فعاد إليهما فقالا: بخل أسامة ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها.
ثم انطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهما: ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قالا: يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحما. قال: ظلمتم تأكلون لحم سلمان وأسامة فنزلت.
وفي العيون بإسناده عن محمد بن يحيى بن أبي عباد عن عمه قال: سمعت الرضا عليه السلام يوما ينشد وقليلا ما كان ينشد شعرا:
كلنا نأمل مدا في الاجل والمنايا هن آفات الامل لا يغرنك أباطيل المنى والزم القصد ودع عنك العلل إنما الدنيا كظل زائل حل فيه راكب ثم رحل فقلت: لمن هذا أعز الله الأمير؟ فقال: لعراقي لكم قلت: أنشدنيه أبو العتاهية (1) لنفسه فقال: هات اسمه ودع هذا، إن الله سبحانه يقول: (ولا تنابزوا بالألقاب) ولعل الرجل يكره هذا.
وفي الكافي بإسناده عن الحسين بن مختار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا.
وفي نهج البلاغة وقال عليه السلام: إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله، ثم أساء رجل الظن برجل لم يظهر منه حوبة فقد ظلم، وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله ثم أحسن رجل الظن برجل فقد غرر.
أقول: والروايتان غير متعارضتين فالثانية ناظرة إلى نفس الظن والأولى إلى ترتيب الأثر عليه عملا.
وفي الخصال عن أسباط بن محمد بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: الغيبة أشد من الزنا، فقيل: يا رسول الله ولم ذلك؟ قال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله.

(1) العتاهية بمعنى نقصان ا لعقل.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست