تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٦٩
فقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت مذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: ألست نبي الله؟ فقال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت: أو لست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف حقا؟ قال: بلى أفأخبرتك أن نأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك تأتيه وتطوف به فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدنة فدعا بحالقه فحلق شعره ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) الآية.
قال محمد بن إسحاق بن يسار: وحدثني بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب أن كاتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الصلح كان علي بن أبي طالب فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
اكتب (هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو) فجعل علي يتلكأ ويأبى أن يكتب إلا محمد رسول الله - فقال رسول الله: فإن لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد، فكتب ما قالوا.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلا يأكلان من تمر لهم قال أبو بصير لاحد الرجلين: وإني لأرى سيفك جيدا جدا فاستله فقال: أجل إنه لجيد وجربت به ثم جربت فقال أبو بصير:
أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد وفر الاخر حتى بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رآه: لقد رأى هذا ذعرا، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول.
قال: فجاء أبو بصير فقال: يا رسول الله قد أوفى الله ذمتك ورددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر.
وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت عليه عصابة. قال: فوالله لا يسمعون بعير لقريش قد خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست