تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٦١
الارتياب فيه، وقوة الأثر وضعفه كاشفة عن قوة مبدأ الأثر وضعفه، قال تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فاطر: 10، وقال: (ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن) الروم: 10.
وأما ما ذكروه من التأويل فأول التأويلين يوجب كون من لم يستكمل الايمان وهو الذي في قلبه فترات خالية من أجزاء الايمان على ما ذكروه مؤمنا وكافرا حقيقة وهذا مما لا يساعده ولا يشعر به شئ من كلامه تعالى.
وأما قوله تعالى: (ولا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) يوسف: 106، فهو إلى الدلالة على كون الايمان مما يزيد وينقص أقرب منه إلى الدلالة على نفيه فإن مدلوله أنهم مؤمنون في حال أنهم مشركون فإيمانهم إيمان بالنسبة إلى الشرك المحض وشرك بالنسبة إلى الايمان المحض، وهذا معنى قبول الايمان للزيادة والنقصان.
وثاني التأويلين يفيد أن الزيادة في الايمان وكثرته إنما هي بكثرة ما تعلق به وهو الاحكام والشرائع المنزلة من عند الله فهي صفة للايمان بحال متعلقه والسبب في اتصافه بها هو متعلقه، ولو كان هذه الزيادة هي المرادة من قوله: (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) كان الأنسب أن تجعل زيادة الايمان في الآية غاية لتشريع الاحكام الكثيرة وإنزالها لا لانزال السكينة في قلوب المؤمنين هذا.
وحمل بعضهم زيادة الايمان في الآية على زيادة أثره وهو النور المشرق منه على القلب.
وفيه أن زيادة الأثر وقوته فرع زيادة المؤثر وقوته فلا معنى لاختصاص أحد الامرين المتساويين من جميع الجهات بأثر يزيد على أثر الاخر.
وذكر بعضهم أن الايمان الذي هو مدخول مع في قوله: (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) الايمان الفطري و الايمان المذكور قبله هو الايمان الاستدلالي، والمعنى:
ليزدادوا إيمانا استدلاليا على إيمانهم الفطري.
وفيه أنه دعوى من غير دليل يدل عليه. على أن الايمان الفطري أيضا استدلالي فمتعلق العلم والايمان على أي حال أمر نظري لا بديهي.
وقال بعضهم كالامام الرازي: إن النزاع في قبول الايمان للزيادة والنقص وعدم قبوله نزاع لفظي فمراد النافين عدم قبول أصل الايمان وهو التصديق ذلك وهو كذلك
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست