تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٠١
المؤمنين لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ودرجات عليها يظهرون لغيرهم.
ويمكن أن يكون المراد بكون الناس أمة واحدة كونهم جميعا على نسبة واحدة تجاه الأسباب العاملة في حظوظ العيش من غير فرق بين المؤمن والكافر، فمن سعى سعيه للرزق ووافقته الأسباب والعوامل الموصلة الأخرى نال منه مؤمنا كان أو كافرا، ومن لم يجتمع له حرم ذلك وقتر عليه الرزق مؤمنا أو كافرا.
والمعنى: لولا ما أردنا أن يتساوى الناس تجاه الأسباب الموصلة إلى زخارف الدنيا ولا يختلفوا فيها بالايمان والكفر لجعلنا لمن يكفر، الخ.
قوله تعالى: (ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤن وزخرفا) تنكير (أبوابا) و (سررا) للتفخيم، والزخرف الذهب أو مطلق الزينة، قال في المجمع: الزخرف كمال حسن الشئ ومنه قيل للذهب، ويقال: زخرفه زخرفة إذا حسنه وزينه، ومنه قيل للنقوش والتصاوير: زخرف، وفي الحديث إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخل الكعبة حتى أمر بالزخرف فنحي. انتهى. والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين) (إن) للنفي و (لما) بمعنى إلا أي ليس كل ما ذكر من مزايا المعيشة إلا متاع الحياة الدنيا الزائلة الفانية التي لا تدوم.
وقوله: (والآخرة عند ربك للمتقين) المراد بالآخرة بقرينة المقام الحياة الآخرة السعيدة كان الحياة الآخرة الشقية لا تعد حياة.
والمعنى: أن الحياة الآخرة السعيدة بحكم من الله تعالى وقضاء منه مختصة بالمتقين، وهذا التخصيص والقصر يؤيد ما قدمناه من معنى كون الناس أمة واحدة في الدنيا بعض التأييد.
قوله تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين) يقال: عشى يعشى عشا من باب علم يعلم إذا كان ببصره آفة لا يبصر مطلقا أو بالليل فقط، وعشا يعشو عشوا وعشوا من باب نصر ينصر إذا تعامى وتعشى بلا آفة، والتقييض التقدير والآتيان بشئ إلى شئ، يقال: قيضه له إذا جاء به إليه.
لما انتهى الكلام إلى ذكر المتقين وأن الآخرة لهم عند الله قرنه بعاقبة أمر
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست